للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذاكر الله في الغافلين كغصن أخضر في شجر يابس. وفي رواية: مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر، وذاكر الله في الغافلين مثل مصباح في بيت مظلم، وذاكر الله في الغافلين يريه الله مقعده من الجنة وهو حي وذاكر الله في الغافلين يغفر له بعدد كل فصيح وأعجم. والفصيح: بنوآدم، والأعجم: البهائم)) .

ــ

وغيره كالمقاتل عن الفارين شبه الذاكر الذي يذكر بين جمع لم يذكروا بالمجاهد الذي يقاتل بعد فرار أصحابه في كون كل منهما قاهراً للعدو، فالذاكر قاهر الشيطان وقامع لجنوده المسلطة على القلب كما أن القاتل الصابر قاهر وقامع لجنود الكفار ففيه تشبيه المعقول بالمحسوس (وذاكر الله) كرره لينيط به في كل مرة غير ما أناط به في الأخرى إعلاماً بأنه أمر عظيم له فوائد متعددة مستقلة (في الغافلين) أي فيما بينهم فالجار ظرف أي بينهم أو محله الرفع على أنه صفة والتقدير الذاكر الكائن في الغافلين (كغصن أخضر في شجر يابس) قال القاري: أي بجنب الأشجار اليابسة (وفي رواية) هذه هي رواية ابن عمر عند أبي نعيم وغيره (مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر) بفتح السين المهملة ويسكن أي الشجر اليابس، زاد في حديث ابن عمر الذي قد تحات من الصريد أي تساقط من شدة البرد فقد تهيأت حينئذ للحرق بالنار فكذا الغافل عن ذكر الله متهيئ للمؤاخذة والعذاب فشبه فيه الذاكر بغصن أخضر مثمر أو شجرة خضراء مثمرة. والغافل بيابس تهيأ للحرق (وذاكر الله في الغافلين مثل مصباح في بيت مظلم) فإن الذكر نور وسرور والغفلة ظلمة وغيبة. قال الطيبي: شبه الذاكر الذي يذكر الله بين جماعة لم يذكروا بالمجاهد الذي يقاتل الكفار بعد فرار أصحابه منهم، فالذاكر قاهر لجند الشيطان وهازم له، والغافل مقهور منهزم منه. ثم شبه بالغصن الأخضر الذي يعد للأثمار، والغافل باليابس الذي يهيأ للإحراق. ثم شبه ثالثاً بالمصباح في مجرد كونه مضيئاً في نفسه، والغافل في البيت المظلم في مجرد الظلمة (يريه الله) وفي حديث ابن عمر يعرفه الله بضم أوله وشدة الراء المكسورة (مقعده) أي وما أعد له (من الجنة وهو حي) جملة حالية وليست هذه الجملة في حديث ابن عمر. قال العزيزي: يحتمل أن يكون ذلك في النوم. وقال القاري: لعل الإراءة بالمكاشفة أو بنزول الملائكة عند النزع لقوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: ٣٠] (يغفر له) أي ذنوبه (بعدد كل فصيح وأعجم) المراد بالأعجم هنا كل دابة لا نطق لها، وفي رواية للبيهقي من حديث ابن عمر وذاكر الله في الغافلين من الأجر بعدد كل فصيح وأعجم، وذاكر الله في الغافلين ينظر الله إليه نظرة لا يعذبه أبداً، وذاكر الله في السوق له بكل شعرة

<<  <  ج: ص:  >  >>