هذه الأحاديث دلالة واضحة على أن لله تعالى اسماً أعظم إذا سأل به أعطي وإذا دعي به أجاب. وقد أنكره بعض أهل العلم، وذهب إلى أنه لا وجود له كما سيأتي والقول الراجح قول من أثبته وهم الجمهور، وأحاديث الباب حجة على المنكرين. قال الحافظ في الفتح: قد أنكره قوم كأبي جعفر الطبري وأبي الحسن الأشعري وجماعة بعدهما كأبي حاتم بن حبان والقاضي أبي بكر الباقلاني فقالوا: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء الإلهية على بعض، لأنه يؤذن باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل. وحملوا ما ورد من ذلك على أن المراد بالأعظم العظيم وإن أسماء الله كلها عظيمة. وعبارة أبي جعفر الطبري اختلف الآثار في تعيين الاسم الأعظم والذي عندي إن الأقوال كلها صحيحة إذ لم يرد في خبر أنه الاسم الأعظم ولا شيء أعظم منه فكأنه يقول كل اسم من أسماءه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم فيرجع إلى معنى عظيم كما تقدم. وقال ابن حبان: إلا عظيمة الواردة في الأخبار إنما يراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك كما أطلق ذلك في القرآن والمراد به مزيد ثواب القاري وقيل المراد بالاسم الأعظم كل اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به ربه مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى، فإن من تأتي له ذلك استجيب له، ونقل معنى هذا عن جعفر الصادق وعن الجنيد وعن غيرهما. وقال آخرون استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم ولم يطلع عليه أحداً من خلقه وأثبته آخرون معيناً واضطربوا في ذلك وجملة ما وقفت عليه من ذلك أربعة عشر قولاً. الأول، الاسم الأعظم "هو" نقله الفخر الرازي عن بعض أهل الكشف واحتج له بأن من أراد أن يعبر عن كلام معظم بحضرته لم يقل له أنت قلت كذا، وإنما يقول هو يقول تأدباً معه. الثاني الله لأنه اسم لم يطلق على غيره ولأنه الأصل في الأسماء الحسنى ومن ثم أضيفت إليه. الثالث الله الرحمن الرحيم ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجه عن عائشة إنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمها الاسم الأعظم فلم يفعل فصلت ودعت اللهم إني أدعوك الله وأدعوك الرحمن وأدعوك الرحيم وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم – الحديث. وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال إنه لفي الأسماء التي دعوت بها. قال الحافظ: وسنده ضعيف، وفي الاستدلال به نظر لا يخفي. الرابع الرحمن الرحيم الحي القيوم لما أخرج الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد يعني حديثها المذكور في الباب. الخامس الحي القيوم أخرج ابن ماجه من حديث أبي أمامة يعني حديثه الذي ذكرنا في شرح حديث أسماء وقواه الفخر الرازي واحتج بأنهما يدلان من صفات العظمة بالربوبية ما لا يدل على ذلك غيرهما كدلالتهما. السادس الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام الحي القيوم، ورد ذلك مجموعاً في حديث أنس عند أحمد والحاكم وأصله عند أبي داود والنسائي وصححه ابن حبان.