للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان،

ــ

الإخلاص وكلمة الشهادة، وقال السندي: المراد بالكلمة اللغوية أو العرفية لا النحوية – انتهى. وهو خبر مقدم وما بعده صفة بعد صفة، والمبتدأ سبحان الله إلى آخره، والنكتة في تقديم الخبر تشويق السامع إلى المبتدأ، فإن من جملة الأسباب المقتضية لتقديم المسند تشويق السامع إلى المسند إليه كما نص عليه أهل المعاني فكلما طال الكلام في وصف الخبر حسن تقديمه، لأن كثرة الأوصاف الجميلة تزيد السامع شوقاً إلى المسند إليه فيكون أوقع في النفس وأدخل في القبول لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب، ولا يخفي أن هذا متحقق في هذا الحديث بل هو أحسن من المثال الذي أوردوه بكثير وهو قول الشاعر:

ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها شمس الضحى وأبوإسحاق والقمر

قال السندي: الظاهر إن قوله "كلمتان" خبر لقوله "سبحان الله" الخ قدم على المبتدأ لتشويق السامع إليه، وذلك لأن كلمتان نكرة وسبحان الله الخ معرفة، لأنه أريد به نفسه، واللفظ إذا أريد به نفسه يكون معرفة حقيقة عند من قال بوضع الألفاظ لأنفسها وحكماً عند من ينفيه، والمعرفة لا تكون خبر النكرة عند غالب النحاة – انتهى. وبعضهم جعل "كلمتان" مبتدأ و"سبحان الله" الخ الخبر، لأن سبحان لازم الإضافة إلى مفرد فجرى مجرى الظروف والظروف لا تقع إلا خبراً ورجحه الكمال بن الهمام قال، لأنه مؤخر لفظاً والأصل عدم مخالفة وضع الشيء محله بلا موجب، ولأن سبحان الله الخ محط الفائدة بنفسه بخلاف كلمتان فإنه إنما يكون محطاً للفائدة بواسطة وصفه بالخفة على اللسان والثقل في الميزان والمحبة للرحمن. ألا ترى أن جعل كلمتان الخبر غير بين لأنه ليس متعلق الغرض الإخبار منه - صلى الله عليه وسلم - عن سبحان الله إلى آخره إنهما كلمتان بل بملاحظة وصف الخبر بما تقدم، أعني خفيفتان ثقيلتان حبيبتان فكان اعتبار سبحان الله إلى آخره خبراً أولى – انتهى. وللنظر في بعضه مجال فتأمل (خفيفتان على اللسان) أي تجريان عليه بالسهولة للين حروفهما فالنطق بهما سريع وذلك لأنه ليس فيهما من حروف الشدة المعروفة عند أهل العربية وهي الهمزة والباء الموحدة والتاء المثناة الفوقية والجيم والدال والطاء المهملتان والقاف والكاف ولا من حروف الاستعلاء أيضاً وهي الخاء المعجمة والصاد والضاد والطاء والظاء والغين المعجمة والقاف سوى حرفين الباء الموحدة والظاء المعجمة، ومما يستثقل أيضاً من الحروف الثاء المثلثة والشين المعجمة وليستا فيهما، ثم إن الأفعال أثقل من الأسماء وليس فيهما فعل، وفي الأسماء أيضاً ما يستثقل كالذي لا ينصرف وليس فيهما شيء من ذلك، وقد اجتمعت فيهما حروف اللين الثلاثة الألف والواو والياء وبالجملة الحروف السهلة الخفيفة أكثر من العكس (ثقيلتان في الميزان) حقيقة. قال الحافظ: وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب، قال السندي: خفتهما سهولتهما على اللسان لقلة حروفهما وحسن نظمهما واشتمالهما على الاسم الجليل الذي يذعن الطباع في ذكره كأنهما في ذلك كالحمل الخفيف الذي يسهل حمله وثقلهما

<<  <  ج: ص:  >  >>