((أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندنا بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة. قال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها. قالت: نعم! قال لنبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت
ــ
مسافع بن صفوان المصطلقي، وقد قتل في هذه الغزوة وكانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن عم له فكاتبته على نفسها فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه على كتابتها، فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من الأمر ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي وجئتك أستعينك، فقال لها: هل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله! قال أقضى كتابتك وأتزوجك قالت نعم! قال قد فعلت فبلغ الناس أنه قد تزوجها فقالوا إصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق فلقد أعتق الله بها مائة أهل بيت من بني المصطلق. قالت عائشة: فما أعلم امرأة أعظم بركة منها على قومها. وأخرج ابن سعد في الطبقات عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم سبى جويرية فجاء أبوها فقال إن ابنتي لا تسبى مثلها فخل سبيلها، فقال أرأيت إن خيرتها أليس قد أحسنت قال بلى! فأتاها أبوها فذكر لها ذلك فقالت قد اخترت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الحافظ: هذا مرسل صحيح الإسناد وماتت سنة خمسين على الصحيح. قال الخزرجي: لها أحاديث انفرد البخاري بحديثين ومسلم بمثلهما (بكرة) بضم الموحدة أي أول النهار (حين صلى الصبح) أي أراد صلاة الصبح يعني أراد أن يصلي فرض الصبح (وهي) أي جويرية (في مسجدها) بفتح الجيم ويكسر أي موضع صلاتها والجملة حالية (ثم رجع) إليها (بعد أن أضحى) أي دخل في الضحوة وهي ارتفاع النهار (وهي جالسة) أي في موضعها ففي رواية أبي داود فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي في مصلاها ورجع وهي في مصلاها. وفي رواية أحمد والترمذي والنسائي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليها بكرة وهي في المسجد تدعو، ثم مر بها قريباً من نصف النهار. ولابن ماجه مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الغداة أو بعد ما صلى الغداة وهي تذكر الله فرجع حين ارتفع النهار، أو قال انتصف وهي كذلك، وفي الأدب المفرد ثم رجع إليها بعد ما تعالى النهار وهي في مجلسها (ما زلت) بكسر التاء خطاب لجويرية على تقدير الاستفهام أي ثبت في مكانك وما زالت (على الحال) هو مما يجوز تذكيره وتأنيثه ولذا قال (التي فارقتك عليها) أي من الجلوس على ذكر الله تعالى. وفي رواية أبي داود لم تزالي في مصلاك هذا وفي الأدب المفرد ما زالت في مجلسك (لقد قلت بعدك) أي بعد أن خرجت من عندك أو بعد ما فارقتك (أربع كلمات) نصبة على المصدر أي تكلمت بعد مفارقتك أربع كلمات (لو وزنت) بصيغة المجهول أي قوبلت (بما قلت) أي بجميع ما قلت من الذكر