منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته)) .
ــ
من أول النهار إلى هذا الوقت (منذ) بضم الميم وقد تكسر (اليوم) بالجر على ما هو المختار "ومنذ" على هذا حرف جر بمعنى "من" أو في أي من ابتداء النهار أو في الوقت المذكور، ويجوز رفع اليوم وتفصيله في المغنى لابن هشام (ج٢ص٢١- ٢٢) وفي القاموس (لوزنتهن) بفتح الزاء والنون أي ساوتهن في الوزن. يقال هذا يزن درهماً أي يساويه أو غلبتهن في الوزن، يقال وازنه فوزن إذا غلب عليه وزاد في الوزن، وقال القاضي أي لرجحت تلك الكلمات على جميع أذكارك وزادت عليهن في الأجر والثواب والضمير راجع إلى ما باعتبار المعنى (عدد خلقه) هو وما عطف عليه منصوبات بنزع الخافض ويقدر المقدار في الثلاثة الأخيرة أي بعدد جميع مخلوقاته وبمقدار رضا ذاته الشريفة أي بمقدار يكون سبباً لرضاه تعالى أو بمقدار يرضي به لذاته، ويختاره فهو مثل ما جاء وبملأ ما شئت من شيء بعد، وفيه إطلاق النفس عليه تعالى من غير مشاكلة، وبمقدار ثقل عرشه، وبمقدار زيادة كلماته أي بمقدار يساويهما يساوي العرش وزنا والكلمات عدداً. وقيل: نصب الكل على الظرفية بتقدير قدر أي قدر عدد مخلوقاته وقدر رضاه الخ. وقيل: نصب هذه الألفاظ على المصدرية أي أعد تسبيحه المقرون بحمده عدد خلقه وأقدر مقدار ما يرضى لنفسه وزنة عرشه ومقدار كلماته (وزنة عرشه) أي قدر وزن عرشه ولا يعلم وزنة إلا الله (ومداد كلماته) بكسر الميم. قيل: معناه مثلها في العدد، وقيل مثلها في عدم النفاد، وقيل مثلها في الكثرة. والمداد مصدر مثل المدد وهو الزيادة والكثرة. وقال في النهاية: أي مثل عددها. وقيل قدر ما يوازيها في الكثرة عيار كيل أو وزن أو عدد أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير. وهذا تمثيل يراد به التقريب لأن الكلام لا يدخل في الكيل والوزن، وإنما يدخل في العدد. والمداد مصدر كالمدد يقال مددت الشيء مداً ومداداً وهو ما يكثر به ويزاد انتهى. قال العلماء: واستعماله هنا مجاز لأن كلمات الله تعالى لا تحصر بعد ولا غيره، والمراد المبالغة به في الكثرة لأنه ذكر أولاً ما يحصره العدد الكثير من عدد الخلق، ثم ارتقى إلى ما هو أعظم من ذلك وعبر عنه بهذا أي ما لا يحصيه عد كما لا تحصى كلمات الله تعالى. ذكره النووي وقال في اللمعات: وهذا ادعاء ومبالغة في تكثيرها كأنه تكلم بهذا المقدار فلا يتجه أن يقال إنه ما معنى أسبحه بهذا المقدار سواء كان خبراً أو إنشاء وهو لم يسبح إلا واحد – انتهى. وقال السندي: فإن قلت كيف يصح تقييد التسبيح بالعدد للذكور مع أن التسبيح هو التنزيه عن جميع ما لا يليق بجنابه الأقدس وهو أمر واحد في ذاته لا يقبل التعدد، وباعتبار صدوره عن المتكلم لا يمكن اعتباراً هذا العدد فيه، لأن المتكلم لا يقدر عليه، ولو فرض قدرته عليه أيضاً لما صح تعلق هذا العدد بالتسبيح إلا بعد أن صدر منه بهذا العدد أو عزم على ذلك. وأما بمجرد أنه قال مرة سبحان الله لا يحصل منه هذا العدد. قلت: لعل التقييد بملاحظة استحقاق ذاته الأقدس