للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٢٨- (١٣) وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله،

ــ

أبي حكيم مولى الزبير عن الزبير. قال الترمذي: هذا حديث غريب –انتهى. قلت: وإسناده ضعيف لضعف موسى ابن عبيدة ولجهالة محمد بن ثابت وأبي حكيم، وأخرجه أبويعلى وابن السني (ص٢٢) بلفظ: ما من صباح يصبح العباد إلا وصارخ يصرخ أيها الخلائق سبحوا الملك القدوس. قال الهيثمي (ج١٠ص٩٤) وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف جداً. قلت: وفيه أيضاً محمد بن ثابت وأبوحكيم المذكوران في سند الترمذي وقد تقدم أنهما مجهولان.

٢٣٢٨- قوله: (أفضل الذكر لا إله إلا الله) لأنها كلمة التوحيد والتوحيد لا يماثله شي، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، وباب الإسلام الذي لا يدخل إليه إلا منه، ولأنها أجمع للقلب مع الله وأنفى للغير وأشد تزكية للنفس وتصفية للباطن وتنقية للخاطر من خبث النفس وأطرد للشيطان. قال الطيبي قال بعض المحققين: إنما جعل التهليل أفضل الذكر لأن له تأثيراً في الباطن عن الأوصاف الذميمة التي هي معبودات في باطن الذاكر. قال تعالى {أرأيت من اتخذ إلهه هواه} [الفرقان: ٤٣] فيفيد نفي عموم الآلهة بقوله لا إله ويثبت الواحد بقوله إلا الله ويعود الذكر من ظاهر لسانه إلى باطن قلبه فيتمكن فيه ويستولى على جوارحه وجد حلاوة هذا من ذاق. وقيل: لأنه لا يصح الإيمان إلا به وليس هذا فيما سواه من الأذكار والحديث يعارضه في الظاهر حديث أبي ذر المتقدم قال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أفضل قال ما اصطفى الله لملائكته سبحان الله وبحمده، وحديث سمرة بن جندب أفضل الكلام أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وسبق وجه الجمع بينهما في شرح هذين الحديثين. (وأفضل الدعاء الحمد لله) يحتمل أن المراد به سورة الفاتحة بتمامها كأن هذا اللفظ بمنزلة القلب لها. قال الطيبي: يمكن أن يكون قوله الحمد لله من باب التلميح والإشارة إلى قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} [الفاتحة: ٥، ٦] وأي دعاء أفضل وأكمل وأجمع من ذلك، ويحتمل أن المراد هذه اللفظة، وعلى هذا فقيل إطلاق الدعاء على الحمد من باب المجاز ولعله جعل أفضل الدعاء من حيث أنه سؤال لطيف يدق مسلكه. ومن ذلك قول أمية بن أبي الصلت حين خرج إلى بعض الملوك يطلب نائلته:

إذا أثنى عليك المرأ يوماً كفاه من تعرضه الثناء

وقيل: جعل الحمد من أنواع الدعاء باعتبار ما يلزمه فإنه إذا وقع في مقابلة نعمة كان شكراً، وقد قال تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم: ٧] فهو يتضمن الطلب. قال المظهر: إنما جعل الحمد دعاء لأن الدعاء عبارة عن ذكر الله وأن تطلب منه حاجة، والحمد يشملهما، فإن من حمد الله إنما يحمده على نعمته، والحمد على النعمة

<<  <  ج: ص:  >  >>