للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه الترمذي، وابن ماجه.

٢٣٢٩- (١٤) وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده)) .

٢٣٣٠- (١٥) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله في السراء والضراء)) .

ــ

طلب مزيد. قال تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} – انتهى. قلت: في قوله إنما يحمده على نعمته نظر ظاهر لمن ينظر فيما ذكروا في تحقيق معنى الحمد لله (رواه الترمذي) وحسنه (وابن ماجه) وأخرجه أيضاً النسائي وابن حبان وصححه والحاكم (ج١ص٣٩٨- ٥٠٣) وقال حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ورواه أحمد بلفظ: لا إله إلا الله أفضل الذكر وهي أفضل الحسنات. قال الشوكاني: وهكذا في مسند البزار.

٢٣٢٩- قوله: (الحمد رأس الشكر) لأن الشكر تعظيم المنعم وفعل اللسان أظهر وأدل على ذلك، أما فعل القلب فخفي وفي دلالة أفعال الجوارح قصور كذا في اللمعات. وقال بعض الشراح: الحمد رأس الشكر أي بعض خصاله وأعلاها لأن الحمد باللسان وحده والشكر به وبالقلب والجوارح إذ الشكر صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خلق لأجله، فالحمد إحدى شعب الشكر ورأس الشيء بعضه فهو من هذه الجهة بعض الشكر. وجعل رأسه لأن الرأس أعظم أجزاء البدن والثناء باللسان أعظم أجزاء الشكر فإن ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشيع لها وأدل على مكانها لخفاء الاعتقاد ولما في أعمال الجوارح من الاحتمال بخلاف عمل اللسان (ما شكر الله عبد لا يحمده) قال القاضي: لما جعل الحمد رأس الشكر وأصله والعمدة فيه حتى انعكس عليه لم يعتمده فيه لغيره من الشعب عند فقده وكان التارك له كالعرض عن الشكر رأساً.

٢٣٣٠- قوله: (أو ل من يدعى إلى الجنة) أي بالدخول (الذين يحمدون الله في السراء والضراء) أي في حالة الرخاء والشدة والأحوال كلها إذا الإنسان لا يخلو عن مسرة أو مضرة والمقابل للسراء الحزن وللضراء النفع وفي إيقاع التقابل بين السراء والضراء مزيد التعميم والإحاطة لشمول نقيضهما كأنه قال في السرور والحزن والنفع والضر، لأن ذكر كل يقتضي ذكره مقابله فيتضمن ذكر الكل مع اختصار وهذا طريق في البيان يسلكه الفصحاء وله نظائر. وقيل: المعنى أي الذين يرضون عن مولاهم بما أجرى عليهم من الحكم غنى كان أو فقراً شدة كان أو رخاء فالمراد الدوام. وقيل: الحمد في السراء ظاهر، وأما في الضراء فالحمد لأجل أنه تعالى لطف به ولم ينزل به أكبر من

<<  <  ج: ص:  >  >>