وهو خلاف مدلول الجنة. وأجيب بأنه لا يدل على أنها الآن قيعان بل على أنها في نفسها قيعان والأشجار فيها مغروسة بجزاء الأعمال، أو المراد إن الأشجار فيها لما كانت لأجل الأعمال فكأنه غرست بها فافهم. وقال الطيبي: في هذا الحديث إشكال لأنه يدل على أن أرض الجنة خالية عن الأشجار والقصور، ويدل قوله:{جنات تجري من تحتها الأنهار}[البقرة: ٢٥] وقوله {أعدت للمتقين} على أنها غير خالية عنها لأنها إنما سميت جنة لأشجارها المتكاثفة المظلة بالتفاف أغصانها، وتركيب الجنة دائر على معنى الستر وإنها مخلوقة معدة، والجواب أنها كانت قيعاناً ثم إن الله تعالى أوجد بفضله وسعة رحمته فيها أشجاراً وقصوراً على حسب أعمال العاملين لكل عامل ما يختص به بحسب عمله، ثم إن الله تعالى لما يسره لما خلق له من العمل لينال به ذلك الثواب جعله كالغارس لتلك الأشجار على سبيل المجاز إطلاقاً للسبب على المسبب – انتهى. وأجيب أيضاً بأنه لا دلالة في الحديث على الخلو الكلي من الأشجار والقصور لأن معنى كونها قيعاناً إن أكثرها مغروس وما عداه منها أمكنة واسعة بلا غرس لينغرس بتلك الكلمات، ويتميز غرسها الأصلي الذي بلا سبب وغرسها المسبب عن تلك الكلمات. (رواه الترمذي) قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث: رواه الترمذي والطبراني في الصغير والأوسط وزاد ولا حول ولا قوة إلا بالله روياه من طريق عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود (وقال) أي الترمذي (هذا حديث حسن غريب إسناداً) وفي الجامع الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود. قال المنذري "أبو القاسم هو عبد الرحمن بن عبد الله ابن مسعود وعبد الرحمن هذا لم يسمع من أبيه وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبوشيبة الكوفي واه ورواه الطبراني أيضاً بإسناد رواه من حديث سلمان الفارسي ولفظه: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن في الجنة قيعاناً فأكثروا من غرسها. قالوا: يا رسول الله! وما غرسها؟ قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر – انتهى. قلت ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١٠ص٨٩- ٩٠) وقال فيه الحسين بن علوان وهو ضعيف.
٢٣٣٩- قوله:(وعن يسيرة) بمثناة تحتية مضمومة وسين وراء مهملتين مفتوحتين بينهما مثناة تحتية ساكنة. ويقال أسيرة بالهمزة في أوله بدل الياء أم ياسر بمثناة تحت وكسر سين مهملة ويقال بنت ياسر وتكنى أم حميضة (وكانت من المهاجرات) الأول المبايعات. وقيل: من الأنصار. قال الحافظ في تهذيب التهذيب: ذكرها ابن سعد في النساء الغرائب من غير الأنصار. وقال ابن حبان وابن مندة وأبونعيم وابن عبد البر: كانت