قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكن بالتسبيح، والتهليل، والتقديس، واعقدن بالأنامل، فإنهن مسئولات مستنطقات، ولا تغفلن فتنسين الرحمة)) .
ــ
من المهاجرات. قلت: قد أخرج أحمد والترمذي وابن سعد من طريق هانيء بن عثمان عن أمه حميضة بنت ياسر عن جدتها يسيرة وكانت من المهاجرات. قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكن بالتسبيح - الحديث. وفي رواية الحاكم وكانت إحدى المهاجرات وهذا يؤيد ما قاله ابن حبان ومن وافقه. (قال لنا) أي معشر النساء (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) زاد في المسند بعده يا نساء المؤمنات! (عليكن) اسم فعل بمعنى الزمن وأمسكن (بالتسبيح) أي بقول سبحان الله (والتهليل) أي قول لا إله إلا الله (والتقديس) أي قول سبحان الملك القدوس أو سبوح قدوس رب الملائكة والروح (واعقدن) بكسر القاف أي أعددن عدد مرات التسبيح وما عطف عليه (بالأنامل) أي بعقدها أو برؤسها يقال عقد الشيء بالأنامل عده. قال الطيبي: حرضهن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يحصين تلك الكلمات بأناملهن، ليحط عنها بذلك ما اجترحته من الذنوب ويدل على أنهن كن يعرفن عقد الحساب – انتهى. والأنامل جمع أنملة بتثليث الميم والهمزة تسع لغات التي فيها الظفر كذا في القاموس، والظاهر أن يراد بها الأصابع من باب إطلاق البعض وإرادة الكل عكس ما ورد في قوله تعالى:{يجعلون أصابعهم في أذانهم}[البقرة: ١٩] لإرادة المبالغة (فإنهن) أي الأنامل كسائر الأعضاء (مسئولات) أي يسألن يوم القيامة عما اكتسبن وبأي شيء استعملن (مستنطقات) بفتح التاء أي متكلمات بخلق النطق فيها فيشهدن لصاحبهن أو عليه بما اكتسبه من خير أو شر قال تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}[النور: ٢٤]{وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم}[فصلت: ٢٢] وفيه حث على استعمال الأعضاء فيما يرضي الرب تعالى وتعريض بالتحفظ عن الفواحش والآثام (ولا تغفلن) بضم الفاء والفتح لحن أي عن الذكر يعني لا تتركن الذكر (فتنسين الرحمة) بفتح التاء بصيغة المعروف من النسيان أي فتتركن الرحمة، والمراد بنسيان الرحمة نسيان أسبابها أي لا تتركن الذكر فإنكن لو تركتن الذكر لحرمتن ثوابه فكأنكن تركتن الرحمة قال تعالى:{فاذكروني} أي بالطاعة {أذكركم} أي بالرحمة. ويجوز أن يكون تنسين بضم المثناة الفوقية بصيغة المجهول من الإنساء، ونصب الرحمة على المفعول الثاني والمعنى لا تغفلن عن الذكر بأن تتركنه فتنسين من الرحمة وتحرمن ثواب الذكر. قال الطيبي: لا تغفلن نهي لأمرين أي لا تغفلن عما ذكرت لكن من اللزوم على الذكر والمحافظة عليه. والعقد بالأصابع توثيقا وقوله "فتنسين" جواب "لو" أي إنكن لو تغفلن عما ذكرت لكن لتركتن سدى عن رحمة الله، وهذا من باب قوله تعالى:{لا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي}[طه: ٨١] أولا يكن منكن