للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فاغفره. فقال: أَعْلم عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لعَبْدِي ثُمَّ مكث ما شاء الله، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا آخر فاغفره لي فقال: أَعْلم عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لعَبْدِي. فليفعل ما شاء.

ــ

وسقط هذا من رواية حماد (ثم أذنب ذنبًا) آخر، وفي البخاري ثم أصاب ذنبًا أو أذنب ذنبًا، وفي رواية حماد ثم عاد فأذنب (فقال: رب أذنبت ذنبًا) أي: آخر، وفي البخاري أصبت أو أذنبت آخر (فاغفره) لي وللأصيلي فاغفر لي (فقال) ربه: (أعلم عبدي) وللأصيلي علم بحذف الهمزة (إن له ربًا يغفر الذنب) تارة (ويأخذ به) أي يعاقب فاعله عليه أخرى (ثم مكث ما شاء الله) من الزمان (ثم أذنب ذنبًا) آخر، وفي البخاري بعده وربما قال: أصاب ذنبًا (قال) وفي بعض النسخ فقال: (رب أذنبت ذنبًا آخر) أي: من جنسه أو من غير جنسه، وفي البخاري: (رب أصبت أو قال أذنبت آخر) . قال القسطلاني: كذا بالشك في هذه المواضع المذكورة كلها في هذا الحديث من هذا الوجه ورواه حماد عن إسحاق عند مسلم ولم يشك (غفرت لعبدي) وزاد في رواية غير أبي ذر: ((ثلاثًا)) قال القسطلاني: أي: غفرت لعبدي الذنوب الثلاثة. وقال القاري في شرح الحصن: قوله: ثلاثًا ليس ظرفًا لقوله: غفرت كما يتبادر إلى الوهم بل بيان لما وقع من تكرار السؤال والجواب والحديث بين العبد والرب (فليفعل) قال القاري: وفي نسخة يعني من المشكاة وهي كما في المصابيح فليعمل: قلت وهكذا وقع في البخاري وكذا نقله المنذري في الترغيب والجزري في الحصن، وهكذا وقع عند أحمد (ج٢: ص٢٩٦) (ما شاء) أي: من الذنب المعقب بالتوبة الصحيحة، ففيه أن التوبة الصحيحة لا يضر فيها نقص بالذنب ثانيًا بل مضت على صحتها ويتوب من المعصية الثانية. وهكذا قال المنذري: قوله ((فليعمل ما شاء)) معناه إذ كان هذا دأبه يذنب الذنب فيتوب منه ويستغفر فليفعل ما شاء لأنه كلما أذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره. لا أنه يذنب الذنب فيستغفر منه بلسانه من غير إقلاع ثم يعاوده، فإن هذه توبة الكذابين ويدل له قوله ثم أصاب ذنبًا آخر - انتهى. وفي رواية حماد: اعمل ما شئت فقد غفرت لك. قال النووي: معناه ما دمت تذنب ثم تتوب غفرت لك. وقال الطيبي: أي اعمل ما شئت ما دمت تذنب ثم تتوب فإني أغفر لك. وهذه العبارة تستعمل في مقام السخط كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (فصلت: ٤٠) وليس هذا المعنى مرادًا ها هنا، وفي مقام التلطف والحفاوة بالمخاطب وإظهار العناية والشفقة به كما في هذا الحديث وفي قوله في حديث حاطب بن أبي بلتعة: لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فقد غفر لكم، وكما تقول لمن تحبه وهو يؤذيك اصنع ما شئت فلست بتارك ذلك، وليس المراد من ذلك الحث على الفعل بل إظهار الحفاوة والتلطف -

<<  <  ج: ص:  >  >>