للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٢٣٥٧- (١٢) وَعَنْ جُنْدَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ أَنَّ رَجُلاً

ــ

أضاف إلى ملابسة الذنب نقض التوبة لكن العودة إلى التوبة أحسن من ابتدائها، لأنه إن ضاف إليها ملازمة الطلب من الكريم والإلحاح في سؤاله والاعتراف بأنه لا غافر للذنب سواه. وقال ابن بطال: في هذا الحديث إن المصر على المعصية في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له مغلبًا لحسنته التي جاء بها، وهي اعتقاد أن له ربًا خالقًا يعذبه يغفر له واستغفاره إياه على ذلك يدل عليه قوله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (الأنعام: ١٦٠) ولا حسنة أعظم من التوحيد، فإن قيل: إن استغفار ربه توبة منه، قلنا ليس الاستغفار أكثر من طلب المغفرة، وقد يطلها المصر والتائب. ولا دلالة في الحديث على أنه تاب مما سأل الغفران عنه، لأن حد التوبة الرجوع عن الذنب، والعزم على أن لا يعود إليه والإقلاع عنه والاستغفار بمجرده لا يفهم منه ذلك، وقال غيره شروط التوبة ثلاثة: الإقلاع، والندم، والعزم على أن لا يعود إليه، والتعبير بالرجوع عن الذنب لا يفيد معنى الندم بل هو إلى معنى الإقلاع أقرب. قال بعضهم: يكفي في التوبة تحقق الندم على وقوعه منه، فإنه يستلزم الإقلاع عنه، والعزم على عدم العود فهما ناشئان عن الندم لا أصلان معه. ومن ثم جاء الحديث الندم توبة وهو حديث حسن من حديث ابن مسعود أخرجه ابن ماجة وصححه الحاكم، وأخرجه ابن حبان من حديث أنس وصححه. ومن شاء مزيد الكلام في ذلك فليرجع إلى مدارج السالكين (ج١: ص٨٨) وإلى باب التوبة من أوائل كتاب الدعوات من الفتح، فإنه قد استوفى البحث في ذلك هناك وقال السبكي في الحلبيات: الاستغفار طلب المغفرة إما باللسان أو بالقلب أو بهما فالأول: فيه نفع لأنه خير من السكوت ولأنه يعتاد قول الخير، والثاني نافع جدًا، والثالث أبلغ منه لكن لا يمحصان الذنب (أي: قطعًا وجزمًا) حتى توجد التوبة منه فإن العاصي المصر يطلب المغفرة لا يستلزم ذلك وجود التوبة إلى أن قال: والذي ذكرته إن معنى الاستغفار غير معنى التوبة هو بحسب وضع اللفظ لكنه غلب عند كثير من الناس إن لفظ استغفر الله معناه التوبة، فمن كان ذلك معتقده فهو يريد التوبة لا محالة، ثم قال وذكر بعضهم إن التوبة لا تتم إلا بالاستغفار لقوله تعالى {وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ} (هود: ٣) والمشهود إنه لا يشترط - انتهى ملخصًا من فتح الباري. (متفق عليه) . أخرجه البخاري في باب قول الله: يريدون أن يبدلوا كلام الله من كتاب التوحيد ومسلم في التوبة، وأخرجه أيضًا أحمد (ج٢: ص٢٩٦) ، وابن السني (ص١١٧) ، والحاكم (ج٣ ص٢٤٢) ونسبه في الحصن للنسائي أيضًا.

٢٣٥٧- قوله: (حدث) أي: حكى لأصحابه (إن رجلاً) يحتمل أنه من هذه الأمة أو من غيرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>