(قال: والله لا يغفر الله لفلان) قاله استكثارًا أو استكبارًا لذنبه أو تعظيمًا لنفسه حين جنى عليه كما يصدر عن بعض جهلة الصوفية قاله القاري: (وأن الله تعالى) بفتح الهمزة أي وحدث أن الله تعالى وبكسرها أي والحال إن الله تعالى (قال: من ذا الذي يتألى علي) بفتح الهمزة وتشديد اللام المفتوحة أي: يتحكم علي ويحلف باسمي من الألية اليمين، يقال: آلى يؤلى إيلاء وائتلى يأتلى إيتلأ وتألى يتألى أي: حلف والاسم الألية (إني لا أغفر لفلان) وهذا استفهام إنكار فلا يجوز لأحد الجزم بالجنة أو النار أو عدم المغفرة إلا لمن ورد فيه النص (فإني قد غفرت لفلان) أي رغمًا لأنفك (وأحبطت عملك) قال المظهر: أي: أبطلت قسمك وجعلت حلفك كاذبًا، لما ورد في حديث آخر من يتأل على الله يكذبه (أي: من حكم وحلف نحو والله ليدخل الله فلانًا النار أبطل قسمه وجعل حلفه كاذبًا) فلا متمسك للمعتزلة إن ذا الكبيرة مع عدم الاستحلال يخلد في النار كالكفر يحبط عمله. وقال النووي: في الحديث دلالة لمذهب أهل السنة في غفران الذنوب بلا توبة إذا شاء الله غفرانها، واحتجت المعتزلة به في إحباط الأعمال بالمعاصي الكبائر. ومذهب أهل السنة إنها لا تحبط إلا بالكفر، ويتأول حبوط عمل هذا على أنه سقطت حسناته في مقابلة سيئاته، فسمي إحباطًا مجازًا، ويحتمل أنه جرى منه أمر آخر أوجب الكفر، ويحتمل أن هذا كان في شرع من كان قبلنا وكان هذا حكمهم - انتهى. وقيل: هو محمول على التغليظ. قال في اللمعات: قوله: ((من ذا الذي يتألى علي)) في هذه العبارة تخويف وتهديد شديد وفي صورة الغيبة دون أن يقول: أنت الذي تتألى، دلالة على التهديد لكل من يتألى من غير خصوصية بالمخاطب، ثم خاطبه بأنك إذا حلفت علي فأعلم إني قد غفرت له على رغم أنفك وأحبطت عملك جزاءً على ما قلت:(أو كما قال) شك الراوي أي: قال الرسول أو غيره ما ذكرته، أو قال: مثل ذلك. وهو تنبيه على النقل بالمعنى لئلا يتوهم نقل اللفظ أيضًا. قال النووي: ينبغي للراوي وقارئ الحديث إذا اشتبه عليه لفظه فقرأها على الشك أن يقول: عقيبه ((أو كما قال)) وكذا يستحب لمن روى بالمعنى أن يقول بعده ((أو كما قال)) أو ((نحو هذا)) كما فعلته الصحابة فمن بعدهم. والله أعلم. وقد روى الدارمي في مسنده في باب من هاب الفتيا مخافة السقط آثارا كثيرة في ذلك فمن شاء فليرجع إليه. (رواه مسلم) في البر والصلة والأدب.
٢٣٥٨- قوله:(سيد الاستغفار) قال العزيزي: أي: أفضل أنواع صيغ الاستغفار يعني الأكثر ثوابًا