للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ

ــ

عند الله. قلت: ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله باب أفضل الاستغفار. قال الحافظ: ترجم بالأفضلية، ووقع الحديث بلفظ السيادة فكأنه أشار إلى أن المراد بالسيادة الأفضلية، ومعناها الأكثر نفعًا لمستعمله يعني إن النفع والثواب للمستغفر به لا للاستغفار نفسه والمراد المستغفر بهذا النوع من الاستغفار أكثر ثوابًا من المستغفر بغيره فهو نحو مكة أفضل من المدينة، أي ثواب العابد فيها أفضل من ثواب العابد في المدينة، ووجه كون هذا الاستغفار كذلك مما لا يعرف بالعقل، وإنما هو أمر مفوض إلى الذي قرر الثواب على الأعمال. وقال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعًا لمعاني التوبة كلها. وقد سبق أن التوبة غاية الاعتذار استعير له اسم السيد، وهو في الأصل الرئيس المقدم الذي يقصد في الحوائج، ويرجع إليه في الأمور. قال ابن أبي جمرة: جميع هذا الحديث من بديع المعاني وحسن الألفاظ ما يحق له أن يسمى بسيد الاستغفار ففيه الإقرار لله وحده بالإلهية ولنفسه بالعبودية، والاعتراف بأنه الخالق والإقرار بالعهد الذي أخذه عليه والرجاء بما وعده به والاستعاذة من شر ما جنى به العبد على نفسه وإضافة النعم إلى موجدها وإضافة الذنب إلى نفسه ووفور رغبة في المغفرة، واعترافه بأنه لا يقدر على ذلك إلا هو فهذا الاستغفار جامع لما يجب على العبد أن يقربه ويعترف ويدعو ويستغفر (أن تقول) بالمثناة الفوقية أي أيها المخاطب خطابًا عامًا أو أيها الراوي. قال القسطلاني: بصيغة المخاطب في الفرع. وقال الحافظ: قوله: أن يقول أي العبد، وثبت في رواية أحمد (ج٤: ص١٢٢) ، والنسائي: إن سيد الاستغفار أن يقول العبد، وللترمذي من رواية عثمان بن ربيعة عن شداد: ألا أدلك على سيد الاستغفار، وفي حديث جابر عند النسائي: تعلموا سيد الاستغفار. قلت: رواية الترمذي تؤيد كونه بصيغة المخاطب: (لا إله إلا أنت خلقتني) ويروى: لا إله ألا أنت، أنت خلقتني) . قال الحافظ: كذا في نسخة معتمدة بتكرير أنت وسقطت الثانية من معظم الروايات. قيل: قوله: ((خلقتني)) استئناف بيان للتربية (وأنا عبدك) أي مخلوقك ومملوكك وهو حال كقوله: (وأنا على عهدك ووعدك) أي أنا مقيم على الوفاء بعهد الميثاق وأنا موقن بوعدك يوم الحشر والتلاق أو بوعدك بالثواب للمؤمنين على لسان الرسل (ما استطعت) أي قدر استطاعتي، فما مصدرية، والمضاف مقدر. وقال الخطابي: يريد أنا على ما عاهدتك عليه وواعدتك من الإيمان بك وإخلاص الطاعة لك ما استطعت من ذلك، ويحتمل أن يريد أنا مقيم على ما عاهدت إلي ومتمسك به ومتنجز وعدك في المثوبة والأجر عليه، واشتراط الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز والقصور من كنه الواجب في حقه تعالى. أي لا أقدر أن أعبدك حق عبادتك ولكن أجتهد بقدر طاقتي. وقيل: أراد بالعهد ما أخذه الله على عباده حيث أخرجهم أمثال الذر {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>