السواد أصاب ذلك الأبيض، فبالضرورة. أنه يذهب ذلك الجمال منه. وكذلك الإنسان إذا أصاب المعصية صار كأنه حصل ذلك السواد في ذلك البياض - انتهى. واللفظ المذكور لأحمد، وابن ماجة، والحاكم، ولفظ الترمذي إن العبد إذا أخطأ خطيئته نكتت (بصيغة المجهول من النكت وهو في الأصل أن تضرب في الأرض بقضيب فيؤثر فيها أي جعلت) في قلبه نكتة سوداء (فإن تاب) أي من الذنب (واستغفر) أي: وسأل الله المغفرة، ووقع في المسند، وابن ماجة، والمستدرك (ج٢: ص٥١٧) لفظ: نزع بعد تاب. وقيل: استغفر أي أقلع عن ذلك وتركه. ولفظ الترمذي: فإذا هو نزع واستغفر وتاب، والظاهر أنه وقع سقوط لفظ نزع في المشكاة تبعًا للمصابيح والله أعلم (صقل قلبه) بالصاد المهملة على بناء المفعول من صقله جلاه من باب نصر أي: محا الله تلك النكتة عن قلبه فينجلي، ويحتمل أن يكون على بناء الفاعل وضميره راجع إلى التائب وفي رواية الترمذي، والحاكم، سقل بالسين قال في القاموس: السقل: الصقل، وقال فيه صقله جلاه - انتهى. والمعنى نظف وصفى مرآة قلبه، لأن التوبة بمنزلة المصقلة تمحو وسخ القلب وسواده حقيقيًا أو تمثيليًا (وإن زاد) أي في الذنب بعينه أو بغيره من الذنوب (زادت) أي النكتة السوداء أو يظهر لكل ذنب نكتة (حتى تعلو) أي تغلب النكت، وفي المسند يعلو بالمثناة التحتية أي يغلب سواد تلك النكتة، على (قلبه) أي تغطية وتغمرة وتستر سائره، ويصير كله ظلمة فلا يعي خيرًا ولا يبصر رشدًا، ولا يثبت فيه صلاح. وفي رواية الترمذي:((وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه)) يعني: وإن عاد إلى ما اقترفه أو عاد في الذنب، والخطيئة زيد في النكتة السوداء نكتة أخرى، وهكذا حتى تطفئ تلك النكت نور قلبه فتغمى بصيرته (فذلكم) قيل الخطاب للصحابة أي فذلكم الأثر المستقبح المستعلى هو (الران الذي ذكر الله) أي في كتابه وأدخل اللام على ران وهو فعل، أما القصد حكاية اللفظ وإجراءه مجرى الاسم، وإما لتنزيله منزلة المصدر، وقوله:((فذلكم الران)) هكذا في جميع نسخ المشكاة، وكذا وقع في المصابيح، والذي في المسند ((ذلك الرين)) وفي الترمذي ((وهو الران)) وفي ابن ماجة، والحاكم ((فذلك الران)) وهكذا نقله المنذري في الترغيب، والرين والران سواء كالذيم والذام والعيب والعاب، وأصل الرين الطبع والتغطية والدنس، وهو أيضًا الصدأ الذي يعلو السيف والمرآة. قال أبو عبيد:((كل ما غلبك وعلاك فقد ران بك ورانك وران عليك {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم} أي: غلب واستولى عليها {مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} أي: ما اكتسبوه من الذنوب)) . قال الحافظ ابن كثير: أي ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على