للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يبالي. رواه أحمد، والترمذي. وقال: هذا حديث حسن غريب.

ــ

بين الآيتين من هذه الحيثية. قال ولو كانت هذه البشارة العظيمة مقيدة بالتوبة لم يكن لها كثير موقع، فإن التوبة من المشرك يغفر الله له بها ما فعله من الشرك بإجماع المسلمين. وقد قال: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} فلو كانت التوبة قيدًا في المغفرة لم يكن للتنصيص على الشرك فائدة. وقد قال سبحانه وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم. قال الواحدي: المفسرون قالوا: إن هذه الآية في قوم خافوا إن أسلموا أن لا يغفر لهم ما جنوا من الذنوب العظام كالشرك وقتل النفس ومعاداة النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت: (قائله الشوكاني ذهب أنها في هؤلاء القوم فكان ماذا؟ فإن الاعتبار بما اشتملت عليه من العموم لا بخصوص السبب كما هو متفق عليه بين أهل العلم قال وأما قوله تعالى بعد ذلك {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} (الزمر: ٥٤) فليس فيه ما يدل على تقييد الآية الأولى بالتوبة لا بمطابقة ولا تضمن ولا التزام، بل غاية ما فيها أنه بشرهم بتلك البشارة العظمى، ثم دعاهم إلى الخير وخوفهم من الشر على أنه يمكن أن يقال إن هذه الجملة مستأنفة خطابًا للكفار الذين لم يسلموا بدليل قوله: {وَأَسْلِمُوا لَهُ} جاء بها لتحذير الكفار وإنذارهم بعد ترغيب المسلمين بالآية الأولى وتبشيرهم، وهذا وإن كان بعيدًا ولكنه يمكن أن يقال به. والمعنى على ما هو الظاهر إن الله جمع لعباده بين التبشير العظيم والأمر بالإنابة إليه والإخلاص والاستسلام لأمره والخضوع لحكمه وقوله: {مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} (الزمر: ٥٤) أي: عذاب الدنيا. يعني بالقتل والأسر والقهر والخوف والجدب لا عذاب الآخرة. قلت: الآية تحتمل القولين لكن سياقها يؤيد ما قاله ابن كثير ومن وافقه. وأما ما ذكره الشوكاني في تأويل ذلك السياق ففيه تكلف ظاهر. والراجح عندي إن مغفرة ذنوب المسلمين غير مقيدة بالتوبة بل تغفر بها وبالمشيئة (ولا يبالي) أي: من أحد فإنه لا يجب على الله. وقيل: أي: لا يبالي بمغفرة الذنوب جميعًا لسعة رحمته وعدم مبالاته من أحد وانتهت رواية الترمذي على هذا أو زاد أحمد في روايته إنه هو الغفور الرحيم. والظاهر من هذه الرواية إن قوله ولا يبالي. كان من القرآن، ولذا قال صاحب المدارك تحت هذه الآية: وفي قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - يغفر الذنوب جميعًا ولا يبالي. وقال القاري: وهو يحتمل أنه كان من الآية فنسخ، ويحتمل أن يكون زيادة من عنده عليه الصلاة والسلام كالتفسير للآية (رواه أحمد) (ج٦: ص٤٥٤: ٤٥٩، ٤٦٠، ٤٦١) ، (والترمذي) في تفسير سورة الزمر، كلاهما من طريق ثابت البناني عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد (وقال) أي: الترمذي (هذا حديث حسن غريب) وقال أيضًا: لا نعرفه إلا من حديث ثابت عن شهر بن حوشب - انتهى. وشهر هذا صدوق كثير الإرسال والأوهام قاله في التقريب وقال حرب بن إسماعيل عن أحمد ما أحسن حديثه ووثقه وروى عن أسماء أحاديث حسانًا كذا في تهذيب التهذيب. والحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>