للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذبه عنه، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الله أفرح بتوبة عبد المؤمن من رجل، نزل في أرض دوية مهلكة،

ــ

عمير عن الحارث بن سويد عن ابن مسعود وهو موصول بهذا السند) بيده فوق أنفه وهو تفسير منه لقوله فقال به، وعند أحمد، والترمذي كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار. قال المحب الطبري: إنما كانت هذه صفة المؤمن لشدة خوفه من الله ومن عقوبته، لأنه على يقين من الذنب وليس على يقين من المغفرة، والفاجر قليل المعرفة بالله فلذلك قل خوفه واستهان بالمعصية. وقال ابن أبي جمرة: السبب في ذلك إن قلب الفاجر مظلم فوقوع الذنب خفيف عنده، ولهذا تجد من يقع في المعصية منهم إذا وعظ يقول هذا سهل قال: والحكمة في تشبيه ذنوب الفاجر بالذباب كون الذباب أخف الطير وأحقره وهو مما يعاين ويدفع بأقل الأشياء، قال: وفي ذكر الأنف مبالغة في اعتقاده خفة الذباب عنده، لأن الذباب قلما ينزل على الأنف، وإنما يقصد غاليًا العين قال: وإشارته بيده تأكيد للخفة أيضًا لأنه بهذا القدر اليسير يدفع ضرره (فذبه عنه) تفسير لما قبله أي: دفع الذباب عن نفسه وبه سمي الذباب ذبابًا لأنه كلما ذب آب أي: كلما دفع رجع، وليست هذه الجملة في البخاري. والظاهر أن المؤلف ذكرها تبعًا للجزري في جامع الأصول وقد تم الحديث الموصول على هذا (ثم قال) أي: ابن مسعود (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) كذا في جميع النسخ الحاضرة، وهكذا في جامع الأصول والترغيب ولم يقع التصريح برفعه عند البخاري، نعم وقع بيان ذلك في رواية مسلم مع كونه لم يسق حديث ابن مسعود الموقوف ولفظه من طريق جرير عن الأعمش عن عمارة عن الحارث، قال: دخلت على ابن مسعود أعوده وهو مريض فحدثنا بحديثين حديثًا عن نفسه وحديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لله أشد فرحًا - الحديث (لله) بلام التأكيد المفتوحة (أفرح بتوبة عبده) أي: من المعصية إلى الطاعة. قال الطيبي: لما صور حال المذنب بتلك الصورة الفظيعة أشار إلى أن الملجأ هو التوبة والرجوع إلى الله تعالى انتهى. يعني فحصلت المناسبة بين الحديثين من الموقوف والمرفوع، وهذا لفظ البخاري، ولمسلم: لله أشد فرحًا بتوبة عبده (المؤمن) . هذا من زيادات مسلم وليس عند البخاري (من رجل) متعلق بأفرح (نزل) هذا من زيادات البخاري وليس مسلم وليس عند مسلم (في أرض دوية مهلكة) بفتح الدال وتشديد الواو المكسورة وتشديد الياء المفتوحة بعدها هاء التأنيث نسبة إلى الدو، بفتح الدال وتشديد الواو، وهي الأرض الفقر والفلاة الخالية أي البرية والصحراء التي لا نبات بها، قال ابن الأثير: ألدو الصحراء، والدوية منسوبة إليها ووقع في رواية داويّة، وهي أيضًا بتشديد الياء. وقيل: ذلك لإبدال الواو الأولى ألفًا، وقد يبدل في النسبة على غير قياس نحو طائي في النسبة إلى طي، ومهلكة بفتح الميم واللام بينهما هاء ساكنة أي موضع الهلاك أو الهلاك

<<  <  ج: ص:  >  >>