للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه ابن ماجة، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) .

ــ

غفلت وثب عليك وأنا متقدمك إلى المنزل وفرط لك فاتبعني على الأثر، فإن كان هذا السائر كيسًا فطنًا لبيبًا حاضر الذهن والعقل، استقبل سيراه استقبالاً آخر أقوى من الأول وأتم، واشتد حذره وتأهب لهذا العدو وأعد له عدته، فكان سيره الثاني أقوى من الأول وخيرًا منه، ووصوله إلى المنزل أسرع وإن غفل عن عدوه وعاد إلى مثل حاله الأول من غير زيادة ولا نقصان، ولا قوة حذر، واستعداد عاد كما كان وهو معرض لما عرض له أولاً وإن أورثه ذلك توانيًا في سيره وفتورًا وتذكرا لطيب مقيله وحسن ذلك الروض وعذوبة ماءه وتفيؤ ظلاله وسكونًا بقلبه إليه لم يعد إلى مثل سيره ونقص عما كان المثل الثاني: عبد في صحة وعافية جسم عرض له مرض أوجب له حمية وشرب دواء وتحفظًا من التخليط ونقض بذلك مادة ردية كانت منقصة لكمال قوته وصحته فعاد بعد المرض أقوى مما كان قبله كما قيل:

لعل عتبك محمود عواقبه وربما صحت الأجسام بالعلل

أوجب وإن له ذلك المرض ضعفًا في القوة وتداركه بمثل ما نقص من قوته عاد إلى مثل ما كان، وإن تداركه بدون ما نقص من قوته عاد إلى دون ما كان عليه من القوة، وفي هذين المثلين كفاية لمن تدبرها. وقد ضرب لذلك مثل آخر برجل خرج من بيته يريد الصلاة في الصف الأول لا يلوي على شيء في طريقه، فعرض له رجل من خلفه جبذ ثوبه وأوقفه قليلاً يريد تعويقه عن الصلاة فله معه حالان: أحدهما: أن يشتغل به حتى تفوته الصلاة فهذه حال غير التائب. الثاني: أن يجاد به على نفسه ويتفلت منه لئلا تفوت الصلاة ثم له بعد هذا التفلت ثلاثة أحوال: أحدها: أن يكون سيره جمزًا ووثبًا ليستدرك ما فاته بتلك الوقفة فربما استدركه وزاد عليه. الثاني: أن يعود إلى سيره. الثالث: أن تورثه تلك الوقفة فتورًا وتهاونًا فيفوته فضيلة الصف الأول أو فضيلة الجماعة، وأول الوقت فهكذا حال التائبين السائرين سواء - انتهى كلام ابن القيم. (رواه ابن ماجة) في باب ذكر التوبة (والبيهقي) والحديث ذكره المنذري في الترغيب، وقال: رواه ابن ماجة، والطبراني كلاهما من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ولم يسمع منه، ورواة الطبراني رواة الصحيح، ورواه ابن أبي الدنيا، والبيهقي مرفوعًا أيضًا من حديث ابن عباس وزاد والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه. وقد روي بهذا الزيادة موقوفًا ولعله أشبه - انتهى. وقال الهيثمي (ج١٠: ص٢٠٠) بعد ذكر حديث ابن مسعود: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه - انتهى. وقال السخاوي في المقاصد: رواه ابن ماجة، والطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رفعه، ورجاله ثقات بل حسنه شيخنا (الحافظ ابن حجر) يعني لشواهده وإلا فأبوه عبيدة جزم غير واحد بأنه لم يسمع من

<<  <  ج: ص:  >  >>