للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال: تفرد به النهراني وهو مجهول. وفي ((شرح السنة)) روى عنه موقوفًا. قال: الندم توبة، والتائب كمن لا ذنب له.

ــ

أبيه - انتهى. وقال ابن الديبع الشيباني (ص٦٧) بعد ذكر كلام السخاوي هذا: وللحديث شواهد ضعيفة (وقال) أي: البيهقي (تفرد به) أي بنقل هذا الحديث (النهراني) بفتح النون وسكون الهاء (وهو مجهول) إما عينه أو حاله وقد تقدم إن رجال الطبراني رجال الصحيح، وكذا رجال ابن ماجة ثقات، والعلة فيه إنما هي الانقطاع في إسناده ولم أجد للنهراني هذا في ما عندي من كتب الرجال ترجمة (وفي شرح السنة روى) أي: البغوي ويحتمل أن يكون بصيغة المجهول (عنه) أي: عن ابن مسعود (موقوفًا) لكنه في حكم المرفوع (قال الندم) أي: على المعصية أي: لكونها معصية وإلا فإذا ندم عليها من جهة أخرى كما إذا ندم على شرب الخمر من جهة صرف المال عليه فليس من التوبة في شيء (توبة) معناه إنه معظمها ومستلزم لبقية أجزائها عادة فإن النادم ينقطع من الذنب في الحال عادة ويعزم على عدم العود إليه في الاستقبال، وبهذا القدر تتم التوبة إلا في الفرائض التي يجب قضاءها فتحتاج التوبة فيها إلى القضاء وإلا في حقوق العباد فتحتاج فيها إلى الاستحلال أي الرد والندم يعني على كل ذلك كما لا يخفى قاله السندي. وقال القاري: ((الندم توبة)) أي: أعظم أركانها الندامة، إذ يترتب عليها بقية الأركان من القلع والعزم على عدم العود، وتدارك الحقوق ما أمكن وهو نظير الحج عرفة إلا أنه عكس مبالغة. والمراد الندامة على فعل المعصية من حيث أنها معصية لا غير - انتهى. قلت: اختلفوا في حد التوبة فقال بعضهم: إنها الندم. وقال بعضهم: إنها العزم على أن لا يعود. وقال بعضهم: هي الإقلاع عن الذنب، ومنهم من يجمع بين الأمور الثلاثة وهي أكملها. قال الحافظ: وقال بعضهم: يكفي في التوبة تحقق الندم على وقوع الذنب منه فإنه يستلزم الإقلاع عنه والعزم على عدم العود فهما ناشئان عن الندم لا أصلان معه. ومن ثم جاء الحديث الندم توبة، وهو حديث حسن من حديث ابن مسعود، وأخرجه ابن ماجة، وصححه الحاكم، وأخرجه ابن حبان من حديث أنس وصححه، وقال أيضًا: قد تمسك من فسر التوبة بالندم بما أخرجه أحمد، وابن ماجة، وغيرهما من حديث ابن مسعود رفعه الندم توبة، ولا حجة فيه، لأن المعنى الحض عليه وإنه الركن الأعظم في التوبة لا أنه توبة نفسها - انتهى. (والتائب كمن لا ذنب له) أي: فإذا تاب توبة صحيحة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وحديث ابن مسعود هذا رواه أحمد (ج١: ص٢٧٦: ٤٢٣: ٦٣٣) ، والبخاري في تاريخه الكبير (٢/١/٣٤١ - ٣٤٣) ، وابن ماجة في باب ذكر التوبة، والحاكم (ج٤: ص٢٤٣) مختصرًا أي: بدون قوله: التائب كمن لا ذنب له، وحسنه الحافظ وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وانظر التهذيب (ج٤: ص٣٨٤، ٣٨٥) ، وذكر البخاري أسانيد كثيرة للحديث يظهر من بعضها أنه رواه بعضهم موقوفًا من قول ابن مسعود، ولا يضر ذلك لكثرة من رفعه، ولأن الرفع زيادة من الثقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>