للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد. متفق عليه.

٢٣٩١- (٥) وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله،

ــ

على إطلاقه من إفادة العموم إذ تصور ذلك وحده يوجب اليأس من رحمته، وفيه بيان كثرة عقوبته لئلا يغتر مؤمن بطاعته أو اعتمادًا على رحمته فيقع في الأمن ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون (ما قنط) من القنوط وهو: اليأس من باب نصر وضرب وسمع (أحد) أي من الكافرين. قال الطيبي: الحديث في بيان صفتي القهر والرحمة لله تعالى، فكما أن صفات الله تعالى غير متناهية لا يبلغ كنه معرفتها أحد كذلك عقوبته ورحمته، فلو فرض أن المؤمن وقف على كنه صفته القهارية لظهر منها ما يقنط من ذلك الخواطر فلا يطمع بجنته أحد، وهذا معنى وضع أحد موضع ضمير المؤمن، ويجوز أن يراد بالمؤمن الجنس على سبيل الاستغراق فالتقدير أحد منهم. ويجوز أن يكون المعنى على وجه آخر وهو إن المؤمن قد اختص بأن يطمع في الجنة، فإذا انتفى الطمع منه فقد انتفى عن الكل، وكذلك الكافر مختص بالقنوط، فإذا انتفى القنوط عنه فقد انتفى عن الكل. وورد الحديث في بيان كثرة رحمته وعقوبته كيلا يغتر مؤمن برحمته فيأمن من عذابه ولا ييأس كافر من رحمته ويترك بابه. وحاصل الحديث إن العبد ينبغي أن يكون بين الرجاء والخوف بمطالعة صفات الجمال تارة وبملاحظة نعوت الجلال أخرى كذا في المرقاة. وقال في اللمعات: سياق الحديث لبيان صفتي اللطف والرحمة والغضب وعدم بلوغ أحد إلى كنههما، فلو علم المؤمنون الذين هم مظاهر رحمة الله ما عند الله من القهر ما طمع أحد منهم الجنة، وكذا في الكافرين، وهذا مقصود آخر لا ينافي سبق رحمته على غضبه بالمعنى الذي سبق - انتهى. (متفق عليه) . واللفظ لمسلم أخرجه من رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، ورواه البخاري (في باب الرجاء مع الخوف من كتاب الرقاق) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ: إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كله رحمة واحدة فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار قال الحافظ: وروى هذا الحديث العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فقطعه حديثين أخرجهما مسلم من طريقه فذكر حديث الرحمة بلفظ: خلق الله مائة رحمة فوضع واحدة بين خلقه وخبأ عنده مائة إلا واحدة. وذكر الحديث الآخر بلفظ: لو يعلم المؤمن إلخ. قلت: وهكذا وقع عند الترمذي في الدعوات.

٢٣٩١- قوله: (الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله) بكسر الشين المعجمة وتخفيف الراء المهملة وآخره كاف أحد سيور النعل التي في وجهها. وقيل: وهو السير الذي يدخل فيه إصبع الرجل ويطلق أيضًا على

<<  <  ج: ص:  >  >>