للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن هو همَّ بها فعملها، كتبها الله له سيئةً واحدةً. متفق عليه.

ــ

حديث الملتقيين بسيفيهما بأنه يتعلق بفعل خارجي أي يتعلق بالملتقيين عزم كل منهما على قتل صاحبه واقترن بعزمه فعل بعض ما عزم عليه وهو شهر السلاح وإشارته به إلى الآخرة، فهذا الفعل يؤاخذ به سواء حصل القتل أم لا، ولا يلزم من قوله فالقاتل والمقتول في النار أن يكونا في درجة واحدة من العذاب بالاتفاق - انتهى كلام الحافظ. باختصار يسير (فإن هو) أي الشأن أو مريد العمل (هم بها) أي بالسيئة (فعملها) أي جمع بين القصد والعمل (كتبها الله له سيئة واحدة) في حديث أبي هريرة عند الشيخين فاكتبوها له بمثلها. ولمسلم من حديث أبي ذر: فجزاءه بمثلها أو اغفر له. وله في آخر حديث ابن عباس: أو محاها بالفضل أو بالتوبة أو بالاستغفار أو بعمل الحسنة التي تكفر السيئة. والأول أشبه بظاهر حديث أبي ذر ويستفاد من التأكيد بقوله واحدة إن السيئة لا تضاعف كما تضاعف الحسنة، وهو على وفق قوله تعالى: {فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} (غافر: ٤٠) قال ابن عبد السلام في أماليه: فائدة التأكيد دفع توهم من يظن أنه إذا عمل السيئة كتبت عليه سيئة العمل، وأضيفت إليها سيئة الهم وليس كذلك، إنما يكتب عليه سيئة واحدة. وقد استثنى بعضهم وقوع المعصية في الحرم المكي والجمهور على التعميم في الأزمنة والأمكنة، ولكن قد تتفاوت بالعظم ولا يرد على ذلك قوله تعالى: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} (الأحزاب: ٣٠) لأن ذلك ورد تعظيمًا لحق النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن وقوع ذلك من نساءه يقتضي أمرًا زائدًا على الفاحشة وهو أذى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وزاد مسلم بعد قوله أو محاها الله ((ولا يهلك على الله إلا هالك)) أي لا يهلك مع سعة هذه الرحمة إلا من حقت عليه الكلمة، أي من أصر على التجرؤ على السيئة عزمًا وقولاً وفعلاً، وأعرض عن الحسنات همًا وقولاً وفعلاً. قال ابن بطال: في هذا الحديث بيان فضل الله العظيم على هذه الأمة، لأنه لولا ذلك كاد لا يدخل أحد الجنة لأن عمل العباد للسيئات أكثر من عملهم الحسنات. ويؤيد ما دل عليه هذا الحديث من الإثابة على الهم بالحسنة وعدم المؤاخذة على الهم بالسيئة قوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: ٢٨٦) إذ ذكر في السوء الافتعال الذي يدل على المعالجة والتكلف فيه بخلاف الحسنة وفيه: أن الله تعالى بفضله وكرمه جعل العدل في السيئة، والفضل في الحسنة فضاعف الحسنة ولم يضاعف السيئة، بل أضاف فيها إلى العدل الفصل، فأدارها بين العقوبة والعفو بقوله كتبت له واحدة أو يمحوها وبقوله فجزاءه بمثلها أو أغفر. (متفق عليه) أخرجه البخاري في باب من هم بحسنة أو سيئة من كتاب الرقاق، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص٢٢٧ - ٢٧٩ - ٣١٠ - ٣٦١) والنسائي في الكبرى، وفي الباب عن أبي هريرة عند الشيخين وغيرهما، وعن أبي ذر عند مسلم وعن أنس عند أبي يعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>