للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومعها ابن لها فإذا ارتفع وهج تنحت به فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أنت رسول الله؟ قال: نعم. قالت: بأبي أنت وأمي، أليس الله أرحم الراحمين قال: بلى قالت: أليس الله أرحم بعبادة من الأم بولدها؟ قال: بلى. قالت: إن الأم لا تلقي ولدها في النار فأكب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي ثم رفع رأسه إليها فقال: إن الله لا يعذب من عباده إلا المارد المتمرد الذي يتمرد على الله وأبى أن يقوا: لا إله إلا الله

ــ

المعجمة المكسورة، وهكذا في نسخة القاري وفي نسخة التي على حاشية المرقاة من حضب النار إذا ألقى فيها الحطب. قال القاري: تحضب أي توقد وقوله: ((بقدرها)) كذا في جميع نسخ المشكاة الموجودة عندنا، والذي في ابن ماجه تنورها. قال السندي: تحصب تنورها أي ترمي فيه ما يوقد النار به فيه (ومعها ابن لها) أي صغير (فإذا ارتفع وهج) بالفتح حر النار وفي ابن ماجة فإذا ارتفع وهج التنور (تنحت به) أي تبعدت الأم بالولد عن النار (أنت رسول الله) استفهام بحذف أداته ولا ينافي إسلامها قبل ذلك لعلمها به إجمالاً وإن لم تعلم ذاته بعينها (قالت إن الأم لا تلقي ولدها في النار) أي فكيف أرحم الراحمين يلقي بعض العبيد فيها وإن كانوا كفرة (فأكب) أي طأطأ رأسه (عن الله لا يعذب) أي عذابًا مخلدًا (من عباده) أي من جميع عباده فالإضافة للاستغراق بدليل الاستثناء. وقال السندي: قوله: لا يعذب أي على الدوام. والظاهر أنه لا يدخل النار إلا هؤلاء إذا الكلام في إدخال النار في الخلود والدوام. والله أعلم. وبالجملة فالمعصية تعظم وتزيد قبحًا وشناعة بقدر حقارة العاصي وعظمة المعصي بها وكثرة إحسانه إلى المعاصي فيعظم جزاءها بذلك فبالنظر إلى حالة العبد العاصي وإنه خلق من أي شيء وأي شيء مقداره، وإلى عظمة خالق السماوات والأرض الذي قامت السماوات بأمره، وإلى كثرة نعمه وإحسانه تعظم أدنى المعاصي حتى تجاوز الجبال والبحار وتصير حقيقة بأن يجعل جزاءها الخلود في النار لولا رحمة الكريم العفو الغفور الرحيم فكيف هذه المعصية المتضمنة لتشبيهه بالأحجار التي هي أرذل الخلق فتعالى سبحانه عن ذلك علوًا كبيرًا. وحقائق هذه الأمور لا يعلمها إلا علام الغيوب، ثم ظاهر الحديث يقتضي أن جاحد النبوة قد أبى عن كلمة التوحيد على وجهها، وهو المراد ها هنا - انتهى كلام السندي. (إلا المارد) أي شيطان الإنس والجن المتعري عن الخيرات من مرد كنصر وكرم عتا وعصى. وجاوز حد أمثاله، أو بلغ الغاية التي يخرج بها من جملة ما عليه ذلك الصنف (المتمرد) مبالغة له (الذي يتمرد على الله) أي يتجرأ على مخالفته ويعتو عليه (وأبى) عطف على يتمرد عطف تفسير أي امتنع (أن يقول لا إله إلا الله) فيكون بمنزلة ولد يقول لست أمي وأمي غيرك ويعصيها ويتصورها بصورة كلب أو خنزير فلا شك أنها حينئذ تتبرأ عنه وتعذبه إن قدرت عليه، وحاصل الجواب إن الكافر خرج من العبودية

<<  <  ج: ص:  >  >>