ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل، والهرم، وسوء الكبر، وفتنة الدنيا، وعذاب القبر، وإذا أصبح قال ذلك
ــ
لا لغيره، ويمكن أن يكون جملة ((الحمد الله)) مستقلة والتقدير ((والحمد لله على ذلك)) وقيل: ويجوز أن يكون قوله ((والحمد لله)) معطوفًا على قوله ((الملك لله)) فيكون هذا أيضًا اسمًا لأصبح (ولا إله إلا الله) كذا في جميع نسخ المشكاة بزيادة الواو وهكذا وقع في المصابيح وجامع الأصول وكذا وقع عند ابن السني، قال الطيبي: عطف على ((الحمد لله)) على تأويل وأمسى الفردانية والوحدانية مختصين بالله - انتهى. والذي في صحيح مسلم ((لا إله إلا الله)) أي بدون الواو وهكذا وقع عند الترمذي وأبي داود وكذا نقله النووي في الأذكار وابن الجزري في الحصن، والظاهر أن ما وقع في المشكاة تبعًا للمصابيح وجامع الأصول خطأ والصواب بحذف الواو (وحده) حال مؤكدة. أي منفردًا بالألوهية (اللهم إني أسألك) أي مصيرًا وافرًا وحظًا وافيًا (من خير هذه الليلة) أي ذاتها وعينها (وخير ما فيها) قال الطيبي: أي من خير ما ينشأ (يقع ويحدث) فيها وخير ما يسكن فيها، قال تعالى:{وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ}(٦: ١٣) وقال ابن حجر: أي مما أردت وقوعه فيها لخواص خلقك من الكمالات الظاهرة والباطنة وخير ما يقع فيها من العبادات التي أمرنا بها فيها، أو المراد خير الموجودات التي قارن وجودها تلك الليلة وخير كل موجود الآن. وقيل: الأظهر أن يراد بخيرها ما يعمل فيها بنفسه وبخير ما فيها ما يقع ويحدث فيها من الكوائن والحوادث (وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها) وفي رواية لمسلم ((رب أسألك خير ما في الليلة وخير ما بعدها (أي من الليالي أو مطلقًا) وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها)) (اللهم إني أعوذ بك من الكسل) بفتحتين أي التثاقل في الطاعة مع الاستطاعة. قال الطيبي: الكسل التثاقل عما لا ينبغي التثاقل عنه، ويكون ذلك لعدم انبعاث النفس للخير مع ظهور الاستطاعة. (والهرم) بفتحتين، أي كبر السن المؤدي إلى تساقط بعض القوى وضعفها وهو الرد إلى أرذل العمر لأنه يفوت فيه المقصود بالحياة من العلم والعمل، ولذا قال تعالى:{لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً}(١٦: ٧٠)(وسوء الكِبَر) بكسر الكاف وفتح الباء بمعنى الهرم والخرف، وروي بإسكان الباء بمعنى البطر أي الطغيان عند النعمة والتعاظم على الناس. والأول أصح رواية ودراية وتعضده رواية النسائي ((وسوء العمر)) والمراد بسوء الكبر ما يورثه كبر السن من ذهاب العقل، واختلاط الرأي والتخبط فيه، والقصور عن القيام بالطاعة وغير ذلك مما يسوء الحال. وقال في اللمعات: في الفقرات كلها ترق من الأدنى إلى الأعلى استعاذ أولاً من الكسل أي من التثاقل في الطاعة مع الاستطاعة، ثم من الهرم الذي فيه سقوط بعض الاستطاعة فيفوت به بعض وظائف العبادات، ثم من سوء الكبر الذي يصير فيه كالحلس الملقى على الأرض لا يصدر منه شيء من الخيرات (وفتنة الدنيا) أي الافتتان بها ومحبتها أو الابتلاء بفتنة فيها (وعذاب القبر) أي من نفس عذابه أو مما يوجبه (وإذا أصبح) أي دخل - صلى الله عليه وسلم - في الصباح (قال ذلك) أي