(وآوانا) بالمد ويجوز القصر أي جعل لنا مأوى نأوى أي نضم إليه ونسكن فيه. قال الجزري: أي ردنا إلى مأوى لنا ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم (في الصحاري) والمأوى المنزل، وفي حديث البيعة أنه قال للأنصار ((أبايعكم على أن تأوونى وتنصروني)) أي تضموني إليكم وتحوطوني بينكم، يقال: أوى وآوى بمعنى واحد أي ضم، والمقصود منهما لازم ومتعد ومنه قوله ((لا قطع في ثمر حتى يأويه الجرين)) أي يضمه البيدر ويجمعه، ومنه لا يأوي الضالة إلا ضال، كل هذا من أوى يأوى. يقال: أويت إلى المنزل وأويت غيري وآويته. وأنكر بعضهم المقصود المتعدي. وقال الأزهري: هي لغة فصيحة - انتهى. وقال النووي: إذا أوى إلى فراشه وأويت مقصور، وأما آوانا فممدود وهذا هو الصحيح الفصيح المشهور، وحكى القصر فيهما وحكى بالمد فيهما - انتهى (فكم ممن لا كافي له) بفتح الياء (ولا مؤوي) بضم ميم وسكون همزة ويبدل، وبكسر واو اسم فاعل من الإيواء وله مقدر. أي فكم من شخص لا يكفيهم الله شر الأشرار بل تركهم وشرهم حتى غلب عليهم أعداءهم ولا يهيئ لهم مأوى بل تركهم يهيمون في البوادي ويتأذون بالحر والبرد. قال الطيبي: ذلك قليل نادر فلا يناسب ((كم)) المقتضى للكثرة على أنه افتتح بقوله ((أطعمنا وسقانا)) ويمكن أن ينزل هذا على معنى قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}(٤٧: ١١) فالمعنى إنا نحمد الله عل أن عرفنا نعمه ووفقنا لأداء شكره فكم من منعم عليه لا يعرفون ذلك ولا يشكرون. وكذلك الله مولى الخلق كلهم بمعنى أنه ربهم ومالكهم لكنه ناصر للمؤمنين ومحب لهم فالفاء في ((فكم)) للتعليل. قيل وإنما حمد الله على الطعام والسقي وكفاية المهمات في وقت الاضطجاع لأن النوم فرع الشبع والري وفراغ الخاطر عن المهمات والأمن من الشرور. (رواه مسلم) في الدعاء، وأخرجه أيضًا أحمد، والترمذي في الدعوات، وأبو داود في الأدب، والنسائي، والبخاري في الأدب المفرد، وابن السني (ص٢٢٦) ، والبغوي في شرح السنة (ج٥: ص١٠٥) .
٢٤١٠- قوله (وعن علي) ، أي ابن أبي طالب (أن فاطمة) الزهراء بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - (أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -) ، أي بيته (تشكو إليه) قال القاري: إما مفعول له بحذف ((أن)) تخفيفًا أي أتت إليه إرادة أن تشكو أو حال مقدرة من فاعل أتت، أي مقدرة الشكوى (ما تلقى) ، أي من الكلفة والمشقة أو من ((المجل)) ففي الترمذي، وزوائد عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (ج١: ص١٢٤) شكت فاطمة مجل يديها من الطحن. وهو بفتح الميم وسكون الجيم بعدها لام. قال الطبري: المراد به غلظ اليد، وكل من عمل عملاً بكفه فغلظ جلدها. قيل: مجلت كفه. وقال الجزري: مجلت يده تمجُل مجلاً ومجِلت تمجل مجلاً إذا ثخن جلدها وتعجز وظهر منها ما يشبه البثر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة (في يدها من الرحى) زاد في رواية ((مما