مشاق الدنيا والتجافي عن دار الغرور. وفيه أن الزوج لا يلزمه إخدام زوجته إذا كانت لا تخدم في بيت أبيها وكانت تقدر على الخدمة من طبخ وخبز وملء ماء وكنس بيت. ولما سألت فاطمة الخادم لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًّا أن يخدمها. قال الطبري: يؤخذ منه أن كل من كانت لها طاقة من النساء على خدمة بيتها في خبز أو طحن أو غير ذلك أن ذلك لا يلزم الزوج إذا كان معروفًا أن مثلها يلي ذلك بنفسه ولو كانت كفاية ذلك إلى علي لأمره به كما أمره أن يسوق إليها صداقها قبل الدخول مع أن سوق الصداق ليس بواجب إذا رضيت المرأة أن تؤخره فكيف يأمره بما ليس بواجب عليه ويترك أن يأمره بالواجب. وحكى ابن حبيب عن أصبغ وابن الماجشون عن مالك أن خدمة البيت تلزم المرأة ولو كانت الزوجة ذات قدر وشرف إذا كان الزوج معسرًا. قال: ولذلك ألزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بالخدمة الباطنة وعليًّا بالخدمة الظاهرة. وحكى ابن بطال أن بعض الشيوخ قال: لا نعلم في شيء من الآثار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى على فاطمة بالخدمة الباطنة وإنما جرى الأمر بينهم على ما تعارفوه من حسن العشرة وجميل الأخلاق وأما أن تجبر المرأة على شيء من الخدمة فلا أصل له بل الإجماع منعقد على أن على الزوج مؤنة الزوجة كلها. ونقل الطحاوي الإجماع على أن الزوج ليس له إخراج خادم المرأة من بيته فدل على أنه يلزمه نفقة الخادم على حسب الحاجة إليه. وقال الشافعي والكوفيون: يفرض لها ولخادمها النفقة إذا كانت ممن تخدم. وقال مالك والليث ومحمد بن حسن: يفرض لها ولخادمها إذا كانت خطيرة. وشذ أهل الظاهر فقالوا: ليس على الزوج أن يخدمها ولو كانت بنت الخليفة، وحجة الجماعة قوله تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}(٤: ١٩) وإذا احتاجت إلى من يخدمها فامتنع لم يعاشرها بالمعروف كذا في الفتح. وفيه أن للإمام أن يقسم الخمس حيث رأى لأن السبي لا يكون إلا من الخمس. وأما الأربعة أخماس فهو حق الغانمين، وهو قول مالك وجماعة. وذهب الشافعي جماعة إلى أن لآل البيت سهمًا من الخمس. قال إسماعيل القاضي: هذا الحديث يدل على أن للإمام أن يقسم الخمس حيث يرى. لأن الأربعة الأخماس استحقاق الغانمين، والذي يختص بالإمام هو الخمس، وقد منع النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته وأعز الناس عليه من أقربيه وصرفه إلى غيرهم. وقال نحوه الطبري: لو كان سهم ذوي القربى قسمًا مفروضًا لأخدم ابنته ولم يكن ليدع شيئًا اختاره الله ولها وامتن به على ذوي القربى. وكذا قال الطحاوي وزاد: وإن أبا بكر وعمر أخذا بذلك وقسما جميع الخمس ولم يجعلا لذوي القربى منه حقًا مخصوصًا به بل بحسب ما يرى الإمام وكذلك فعل علي. قال الحافظ: في الاستدلال بحديث علي هذا نظر لأنه يحتمل أن يكون ذلك من الفيء وأما خمس الخمس من الغنيمة فقد روى أبو داود من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي، قال: قلت: يا رسول الله إن رأيت أن توليني حقنًا من هذا الخمس - الحديث. وله من وجه آخر عنه ((ولاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس الخمس فوضعته مواضعه حياته - الحديث. فيحتمل أن تكون قصة فاطمة وقعت قبل فرض الخمس. والله أعلم. وهو بعيد لأن قوله تعالى:{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} (٨: ٤١) .