مصلح كل شيء ومربيه. (ومليكه) ، أي وملك كل شيء أو مالكه وقاهرة، فعيل بمعنى الفاعل للمبالغة كالقدير بمعنى القادر (أعوذ بك من شر نفسي) ، أي من ظهور السيئات الباطنية التي جبلت النفس عليها، وقيل: أي من شر هواها المخالف للهدي قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ}(٢٨: ٥٠) . أما إذا وافق الهوى الهدى فهو كزبد وعسل. وقيل: الاستعاذة منها لكونها أسرع إجابة إلى داعي الشر من الهوى والشيطان. وحاصله مزيد الاعتناء بتطهير النفس فقدم إشارة لكمال الصديق أن يفعله ليكون وسيلة إلى كل كمال يترقى إليه بعد، إذ الترقي يتفاوت بحسب تفاوت مراتب ذلك التطهير (ومن شر الشيطان) ، أي وسوسته وإغواءه وإضلاله، ثم يحتمل أن يكون المراد جنس الشياطين أو رئيسهم وهو إبليس (وشركه) روي على وجهين أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء أي: ما يدعو إليه الشيطان ويوسوس به من الإشراك بالله. والثاني: بفتح الشين والراء. أي: جبائله ومصائده (جمع مصيدة وهي ما يصاد بها من كل شيء) التي يفتتن الناس بها، وإحداها شركة بفتح الشين والراء وآخرها هاء. والإضافة على الأول إضافة المصدر إلى الفاعل وعلى الثاني محصنة، والعطف على التقديرين للتخصيص بعد التعميم للاهتمام به (قله) أي: قل هذا القول (وإذا أخذت مضجعك) بفتح الميم والجيم بينهما ضاد ساكنة أي: إذا أردت النوم (رواه الترمذي) في الدعوات، وصححه (وأبو داود) في الأدب، وسكت عليه. ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره (الدارمي) في الاستيذان، وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص١٠، ١١، وج٢: ص٢٩٨) ، والنسائي في الكبرى، والبخاري في الأدب المفرد، وأفعال العباد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم (ج١: ص٥١٣) ، وصححه وأقره الذهبي، وابن أبي شيبة، وابن السنى (ص١٦، ٢٣٠، ٢٣١) ، وأبو داود الطيالسي، والخطيب في تاريخ بغداد (ج١١: ص١٦٦، ١٦٧) ، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند أحمد (ج٢: ص١٧٢، ١٩٧) ، والترمذي في الدعوات، والبخاري في الأدب المفرد من طريق أبي راشد الحبراني قال: أتيت عبد الله بن عمرو ابن العاص فقلت له: حدثنا بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فألقى بين يدي صحيفة. فقال: هذا ما كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظرت فيها فإذا فيها ((أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال له رسول الله: يا أبا بكر قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت، رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شري نفسي ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجره إليّ مسلم)) .
٢٤١٤- قوله:(وعن أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة يصرف لأنه على وزن فعال، ويمنع لأنه يجعل على