٢٤٣٧- (٣٤) وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصبح قال: أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، والكبرياء والعظمة لله، والخلق والأمر والليل والنهار وما سكن فيهما لله، اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحًا وأوسطه نجاحاً وآخره فلاحًا يا أرحم الراحمين.
ــ
٢٤٣٧- قوله:(الكبرياء) أي: العظمة والتجبر (والعظمة) بفتح العين والظاء قال في القاموس: العظم بكسر العين حرف عظم كصغر عظمًا وعظامة فهو عظيم وعظم الرجل تكبر، والعظمة محركة الكبر والنخوة والزهو، وأما عظمة الله فلا توصف بهذا، ومتى وصف عبد بالعظمة فهو ذم - انتهى. والعظيم من أسماءه تعالى هو الذي جاوز قدره كل قدر وجل عن حدود العقول حتى لا تتصور الإحاطة بكهنة وحقيقته، والعظيم في صفات الأجسام كبر الطول والعمق والله تعالى جل عن ذلك (والخلق) أي: الإيجاد أو هو بمعنى المخلوق (والأمر) واحد الأوامر والمراد به الجنس أو واحد الأمور والمراد به التصرف والحكم، وقال الشوكاني في تفسير قوله تعالى:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}(٧: ٥٤) الخلق المخلوق والأمر كلامه وهو كن في قوله تعالى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} أو المراد بالأمر ما يأمر به على التفصيل أو التصرف في مخلوقاته (وما سكن فيه٢ا) أي وتحرك فهو من باب الاكتفاء نحو {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}(١٦: ٨١) أي والبرد، أو سكن بمعنى ثبت (لله) أي وحده لا شريك له وفيه رمز إلى قوله تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}(٦: ١٣) وفي رواية ابن أبي شيبة: وما يضحى فيهما لله وحده. وهو بفتح الياء التحتية وإسكان الضاد المعجمة، وفتح الحاء المهملة، أي يبرز ويظهر، (اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحًا) أي في ديننا ودنيانا، (وأوسطه نجاحًا) أي فوزًا بالمطالب المناسبة لصلاح الدارين (وآخره فلاحًا) . أي ظفرًا بما يوجب حسن الخاتمة وعلو المرتبة في درجات الجنة، والظاهر أن المراد من الأول والآخر والأوسط استيعاب الأوقات والساعات في صرفها إلى العبادات والطاعات لحصول حسن الحالات، والمعاملات في الدنيا ووصول أعلى الدرجات في الأخرى. قاله القاري. وقال الطيبي: صلاحًا في ديننا بأن يصدر منا ما ننخرط به في زمرة الصالحين من عبادك، ثم اشغلنا بقضاء مآربنا في دنيانا، لما هو صلاح في ديننا فانجحنا، واجعل خاتمة أمرنا بالفوز، بما هو سبب لدخول الجنة، فنندرج في سلك من قيل في حقهم:{أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(٢: ٥) - انتهى. ولذا قالوا أجمع كلمة في الشريعة كلمة الفلاح. قال القاري: ولذا قال تعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى آخر الآيات، ثم قال:{أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ}(٢٣: ١٠: ١١)(يا أرحم الراحمين) قال القاري: ختم بهذا لأنه سبب لسرعة إجابة الدعاء، كما جاء في حديث. وروى الحاكم في مستدركه وصححه من حديث أبي أمامة مرفوعًا ((إن لله ملكًا موكلاً بمن يقول يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثًا قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل)) والظاهر أن قيد الثلاث لأن الغالب أن من قالها ثلاثًا حضر قلبه ورحمه