جمع فيل وهو ذكر الدجاج، وليس المراد حقيقة الجمع لأن سماع واحد كاف، وللديك خصيصة ليست لغيره من معرفة الوقت الليلي، فإنه يقسط أصواته فيها تقسيطًا، لا يكاد يتفاوت ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده، لا يكاد يخطئ سواء طال الليل أم قصر، وزاد في رواية أحمد (ج٢: ص٣٠٨) ، والبخاري في الأدب المفرد، وابن السني ((في الليل)) (فسلوا الله) ، بنقل الهمزة، وروي بإثباته، أي فاطلبوا (من فضله) ، أي زيادة إنعامه عليكم، (فإنها رأت ملكًا) ، بفتح اللام نكرة إفادة للتعميم، قال عياض: كأن السبب فيه رجاء تأمين الملائكة على دعاءه، واستغفارهم له وشهادتهم له بالإخلاص. ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركًا بهم، وصحح ابن حبان، وأخرجه أبو داود، وأحمد من حديث زيد بن خالد رفعه ((لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة)) وفي رواية ((يوقظ للصلاة)) ، وعند البزار من هذا الوجه سبب قوله - صلى الله عليه وسلم -: ذلك أن ديكًا صرخ فلعنه رجل فقال ذلك. قال الحليمي: يؤخذ منه أن كل من استفيد منه الخير لا ينبغي أن يسب، ولا أن يستهان به بل يكرم ويحسن إليه، قال وليس معنى قوله:((يدعو إلى الصلاة)) أن يقول حقيقة صلوا أو حانت الصلاة، بل معناه أن العادة جرت بأنه يصرخ عند طلوع الفجر فطرة فطره الله عليها، (وإذا سمعتم نهيق الحمار) ، أي صوته المنكر. وزاد البخاري في الأدب المفرد، وابن السني في عمل اليوم والليلة ((من الليل)) ، وكذا وقع في حديث جابر عند أحمد، وأبي داود وغيره كما سيأتي في باب تغطية الأواني، وزاد فيه أيضًا ((نباح الكلاب)) ، قيل: أطلق الأمر بالتعوذ عند نهيق الحمر، في حديث الباب فاقتضى أنه لا فرق في طلبه بين الليل والنهار، وخصه في رواية أخرى بالليل. فإما أن يحمل المطلق على المقيد، أو يقال: خص الليل لأن انتشار الشياطين فيه أكثر، فيكون نهيق الحمير فيه أكثر، فلو وقع نهارًا كان ذلك. وقال الشوكاني: في قوله في الحديث الآخر ((من الليل)) يقيد المطلق فتكون الاستعاذة إذا سمع (النهيق) ، والنباح ليلاً لا نهارًا (فتعوذوا بالله من الشيطان) كذا في بعض النسخ من المشكاة، وهكذا وقع في الصحيحين، والمسند، والترمذي، وبعض نسخ أبي داود، وزاد في بعض نسخ المشكاة ((الرجيم)) ، وهكذا وقع في المصابيح، وبعض نسخ أبي داود، قال الحفني: أي اعتصموا بالله منه بأن يقول أحدكم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو نحو ذلك من صيغ التعوذ. وقال المناوي: فتعوذا أي ندبًا بأي صيغة كانت، والأولى ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) (فإنه) أي الحمار (رأى شيطانًا) في الصحيحين والمصابيح ((فإنها رأت شيطانًا)) على تأويل الدابة ورعاية المقابلة، ووقع في المسند، والترمذي، وشرح السنة كما في المشكاة، يعني وحضور الشيطان مظنة الوسوسة والطغيان ومعصية الرحمن فناسب التعوذ لدفع ذلك، قال عياض: وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان وشر وسوسته، فيلجأ إلى الله في رفع ذلك. وقال الطيبي: لعل السر فيه أن الديك أقرب الحيوانات صوتًا إلى الذاكرين الله، لأنها تحفظ غالبًا أوقات الصلاة وأنكر الأصوات صوت الحمير فهو أقربها صوتًا إلى من هو أبعد من