٢٤٤٨- (١٠) وعن ابْنِ عُمَرَ قال: كَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ
ــ
وليشهد الشاهد حمدنا لله تعالى وحسن بلائه، أي إنعامه علينا فإنا نعترف بذلك ونشهده عليه، وقال في اللمعات بعد ذكر الروايتين: وعلى الوجهين هو خبر بمعنى الأمر فالمعنى على الأول ليبلغ سامع قولي هذا إلى غيره ليسعى إلى الحمد والذكر والدعاء في هذا الوقت. وعلى الثاني ليسمع كل من يأتي منه السماع وليشهد على حمدنا لله تعالى. وقال التوربشتي: الحمل على الخبر أولى وأقوى لظاهر اللفظ، والمعنى أن من كان له سمع فقد سمع بحمدنا وحسن بلائه، أي حسن إنعامه وأفضاله علينا وأن كلا الأمرين أي حمدنا لله تعالى على نعمه وإنعامه علينا قد اشتهر واستفاض حتى لا يكاد يخفى على ذي سمع (وحسن بلائه علينا) ، أي حسن إنعامه وأفضاله علينا. قال الجزري في جامع الأصول: حسن البلاء النعمة والبلاء الاختبار والامتحان فالاختبار بالخير ليتبين الشكر وبالشر ليظهر الصبر. وقال التوربشتي: أراد بالبلاء النعمة والله سبحانه يبلو عباده تارة بالمضار ليصبروا وطوراً بالمسار ليشكروا {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}(٢١: ٣٥) فالمحنة والمنحة جميعًا بلاء لمواقع الاختبار وكلاهما نعمة باعتبار حصول الأجر والمنحة أعظم البلائين لا سيما لذوي النفوس الكاملة لأنها الموجبة للقيام بحقوق الشكر والقيام بها أتم وأصعب وأعلى وأفضل من القيام بحقوق الصبر (ربنا صاحبنا) بسكون الموحدة صيغة الأمر من المصاحبة، أي كن لنا صاحبًا بالإعانة والإغاثة والكلاءة والحفظ. قال النووي: أي احفظنا وحطنا واكلأنا ومن صحبه الله لم يضره شيء (وأفضل علينا) أمر من الإفضال، أي أحسن إلينا وتفضل علينا بإدامة النعمة والتوفيق للقيام بحقوقها (عائذًا بالله من النار) اسم فاعل أقيم مقام المصدر كقولهم قم قائمًا، أي قيامًا فالنصب على المصدر يعني نعوذ بالله عياذًا، أو حال من فاعل يقول فيكون من كلام الراوي. ويجوز أن يكون من كلام الرسول فيكون حالاً من فاعل فعل مقدر هو أقول بصيغة المتكلم والتقدير: أقول ذلك عائذًا بالله من النار. وإليه مال النووي حيث قال: منصوب على الحال، أي أقول هذا في حال استعاذتي واستجارتي بالله من النار. (رواه مسلم) في الدعاء، وأخرجه أيضًا أبو داود في الأدب، والنسائي، وابن السني (ص١٦٤) ، والحاكم (ج١: ص٤٤٦) ، وأبو عوانة، وزاد أبو داود والحاكم بعد قوله بحمده ((ونعمته)) وزاد أيضًا الحاكم وأبو عوانة ((يقول ذلك ثلاث مرات ويرفع صوته)) كذا في الحصن.
٢٤٤٨- قوله (إذا قفل) بقاف ثم فاء أي رجع وزنه ومعناه، ومنه تسمى القافلة، في النهاية: قفل أي عاد من سفره وقد يقال للسفر قفول في الذهاب والمجئي وأكثر ما يستعمل في الرجوع (من غزو أو حج أو عمرة) كأنه قصد استيعاب أنواع سفره - صلى الله عليه وسلم - ببيان أنه لا يخرج عن هذه الثلاثة وإلا فظاهره اختصاص ذلك بهذه الأمور الثلاث وليس الحكم كذلك عند الجمهور بل يشرع قول ذلك في كل سفر إذا كان سفر طاعة كصلة الرحم وطلب العلم لما يشمل الجميع من اسم الطاعة. وقيل: يتعدى أيضًا إلى المباح لأن المسافر فيه لا ثواب له فلا يمتنع عليه فعل ما يحصل له الثواب