تفوضني، وأصله جعل الغير وكيلاً لإنجاح أموره (إلى نفسي) فإنها أعدى لي من جميع أعدائي وإنها عاجزة لا تقدر على قضاء حوائجي (طرفة عين) بفتح الطاء وسكون الراء أي مقدار إطباق أحد الجفنين على الآخر يعني لا تفوض أمري إلى نفسي لحظة قليلة قدر ما يتحرك البصر. قال الطيبي: الفاء في فلا تكلني مرتب على قوله: رحمتك أرجو. فقدم المفعول ليفيد الاختصاص والرحمة عامة فيلزم تفويض الأمور كلها إلى الله كأنه قيل فإذا فوضت أمري إليك فلا تكلني إلا نفسي لأني لا أدري ما صلاح أمري وما فساده وربما زاولت أمرًا واعتقدت أن فيه صلاح أمري فانقلب فسادًا وبالعكس، ولما فرغ عن خاصة نفسه وأراد أن ينفي تفويض أمره إلى الغير ويثبته لله قال (وأصلح لي شأني) أي أمري (كله) أي جميعه تأكيد لإفادة العموم. وقال الشوكاني: الشأن يطلق على الأمر والحال والخطب وجمعه شئون، والمراد هنا إصلاح حاله وما يحتاج إليه من أمره في حياته وبعد موته (لا إله إلا أنت) قال القاري: هذه فذلكة المقصود لأنها تفيد وحدة المعبود. وقال المناوي: ختمه بهذه الكلمة الحضورية الشهودية إشارة إلى أن الدعاء إنما ينفع المكروب ويزيل كربه إذا كان مع حضور وشهود ومن شهد بالتوحيد والجلال مع جمع الهمة وحضور البال فهو حري بزوال الكرب في الدنيا والرحمة ورفع الدرجات في العقبى (رواه أبو داود) في الأدب في حديث طويل تقدم أوله في الفصل الثالث من باب الدعاء في الصباح والمساء وأخرجه أيضًا أحمد (ج٥: ص٤٢) والنسائي في الكبرى والبخاري في الأدب المفرد وابن حبان في صحيحه وابن السني (ص١١١) وابن أبي شيبة، والطبراني إلا أنه انتهت روايته إلى قوله كله وسكت عنه أبو داود. وقال الهيثمي (ج١٠: ص١٣٧) : رواه الطبراني وإسناده حسن. قلت: في سنده عندهم جعفر بن ميمون وتقدم الكلام فيه في شرح حديث أبي بكرة السابق.
٢٤٧٢- قوله (هموم) جمع الهم (وديون) عطف على هموم أي وديون لزمتني. قال الطيبي. هموم لزمتني مبتدأ وخبر كما في قولهم ((شر أهر ذا ناب)) أي همومه عظيمة لا يقادر قدرها وديون جمة نهضتني وأثقلتني - انتهى. قلت: الظاهر أن قوله: ((هموم)) إلخ. خبر مبتدأ محذوف يدل عليه أول الحديث وهو أن أبا سعيد قال دخل رسول الله ذات يوم في المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة فقال: يا أبا أمامة مالي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة، قال: هموم لزمتني وديون أي سبب جلوسي في المسجد في غير وقت الصلاة هموم وديون لزمتني فالتجأت إلى ربي في بيته فلزمتني صفة لهموم لا خبر له (أفلا أعلمك) عطف على محذوف أي ألا أرشدك فلا أعلمك ولا الثانية