للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي قَبْضَتك، نَاصِيتِي بِيَدِكَ، مَاضِ في حُكْمُك عَدْلٌ في قَضَاؤُك، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَك سَميت بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنَزَلْتَه في كِتَابِك أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في مَكْنُونِ الغَيْبِ عِنْدِكَ أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي،

ــ

اعتراف بالعبودية (وفي قبضتك) بفتح القاف المرة من القبض، أي في تصرفك وتحت قضائك وقدرك ولا حركة لي ولا سكون إلا بأقدارك وهو إقرار بالربوبية ولم يقع هذا اللفظ فيما رأيت إلا لابن السني (ناصيتي بيدك) ، أي لا حول ولا قوة إلا بك، كناية عن كمال قدرته وإشارة إلى إحاطته على وقف إرادته وهو مقتبس من قوله تعالى: {مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَاّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} (١١: ٥٦) (ماض) ، أي ثابت ونافذ (في) بتشديد الياء، أي في حقي (حكمك) قال القاري في شرح الحصن: إيماء إلى أنه لا مانع لفعله ولا راد لحكمه أو المعنى سابق في شأن حكمك الأزلي ولا تبديل ولا تحويل لأمرك. وقال في المرقاة: حكمك، أي الأمري أو الكوني كإهلاك وإحياء ومنع وعطاء (عدل في قضاءك) ، أي ما قدرته عليّ لأنك تصرفت في ملكك على وفق حكمتك (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك) ، أي ذاتك وهو مجمل وما بعده تفصيل له على سبيل التنويع الخاص أعني قوله (أو أنزلته في كتابك) ، أي في جنس الكتب المنزلة (أو علمته أحدًا من خلقك) ، أي من خلاصتهم وهم الأنبياء والرسل وهذا ساقط من بعض نسخ المشكاة، وليس أيضًا في جامع الأصول والصحيح وجوده، ويشهد له رواية أحمد، وابن حبان، والحاكم وابن السني (أو استأثر به) ، أي اخترته وتفردت به (في مكنون الغيب) ، أي مستوره، وفي رواية أحمد، وابن حبان، والحاكم، وابن السني، ((في علم الغيب)) (عندك) ، أي فلم تلهمه أحدًا ولم تنزله في كتاب. قال الجزري: الاستئثار بالشيء التخصص به والإنفراد أي انفردت بعلمه عندك لا يعلمه إلا أنت، وفيه دليل على أن لله سبحانه وتعالى أسماء غير التسعة والتسعين الاسم المتقدم ذكرها، وفيه التوسل بأسماء الله تعالى التي سمَّا بها نفسه ما علم العباد منها وما لم يعلموا، ومنها ما استأثر به في علم الغيب عنده فلم يطلع عليه ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرسلاً وهذه الوسيلة أعظم الوسائل وأحبها إلى الله وأقربها تحصيلاً للمطلوب (أن تجعل القرآن) مفعول أسألك (ربيع قلبي) شبه القرآن بزمان الربيع في ظهور آثار رحمه الله وحياة القلب وارتياحه به. قال الشوكاني: أي أسألك أن تجعل القرآن كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان، وكذلك القرآن ربيع القلوب، أي يجعل قلبه مرتاحًا إلى القرآن مائلاً إليه راغبًا في تلاوته وتدبره، وقيل أي منتزهه ومكان رعيه وانتفاعه بأنواره وأشجاره وثماره المشبه بها أنواع العلوم والمعارف وأصناف الحكم والأحكام واللطائف. قال الطيبي: هذا هو المطلوب والسابق وسائل إليه، فأظهر أولاً غاية ذلته وصغاره ونهاية عجزه وافتقاره، وثانيًا بين عظمة شأنه وجلالة اسمه سبحانه بحيث لم يبق فيه بقية، وألطف في المطلوب حيث جعل المطلوب وسيلة إلى إزالة الهم المطلوب أولاً، وجعل القرآن ربيع القلب وهو عبارة عن الفرح،

<<  <  ج: ص:  >  >>