لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه في كل مكان، وأقول كما أن الربيع سبب ظهور آثار رحمة الله تعالى وإحياء الأرض بعد موتها، كذلك القرآن سبب ظهور تأثير لطف الله من الإيمان والمعارف وزوال ظلمات الكفر والجهل والهم، كذا في المرقاة. وزاد في رواية أحمد ((نور صدري)) وكذا في حديث أبي موسى الأشعري عند الطبراني، وابن السني، أي يشرق في قلبي نوره فأميز به الحق من غيره. ووقع في رواية ابن حبان، وابن السني من حديث ابن مسعود ((نور بصري)) قال الشوكاني: سأله أن يجعل القرآن منور البصيرة، والنور مادة الحياة وبه يتم معاش العباد. وقال القاري في شرح الحصن قوله ((ونور بصري)) ، أي تلوته إذا تلوته عينًا كما أنه ربيع قلبي إذا تلوته غيبًا (وجلاء همي وغمي) بكسر الجيم، أي إزالتهما وكشفهما من جلوت السيف جلاء بالكسر أي صقلته، وفي رواية أحمد، وابن حبان، والحاكم، وابن السني:((وجلاء حزني وذهاب همي)) سأله أن يجعل القرآن شفاء همه وغمه ليكون بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ويعيد البدن إلى صحته واعتداله وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية (ما قالها) ، أي الكلمات المذكور (عبد قط إلا أذهب الله غمه وأبدله به فرجًا) بفتحتين وبالجيم وهو كشف الغم وفي بعض النسخ فرحًا بالحاء المهملة وهكذا في جامع الأصول، وفي رواية الأربعة المذكورين ((إلا أذهب الله همه وأبدل مكان حزنه فرحًا، قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن)) وفي الحديث الحث على تعلم هذا الدعاء والعمل به وقت الحزن والهم والغم وأن من فعل ذلك أذهب الله عنه ما يجد وأبدله مكان الهم والغم فرحًا، هذا وقد بسط ابن القيم في شرح هذا الحديث وبيان ما يدل عليه الدعاء المذكور فيه من الفوائد والقواعد في شفاء العليل (ص٢٧٤ - ٢٧٨) فليرجع إليه من شاء (رواه رزين) ذكره رزين في تجريده ولا يوجد في أصوله، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١٠: ص١٣٦) وقال رواه أحمد (ج١: ص٣٩١، ٤٥٢) وأبو يعلى، والبزار، والطبراني. ورجال أحمد وأبي يعلي رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان - انتهى. قلت: وأخرجه أيضًا الحاكم (ج١: ص٥٠٩) ، وابن السني (ص١١٠) ، وابن حبان كما في موارد الظمآن (ص٥٨٩) ، وابن أبي شيبة كما في الحصن رواه كلهم غير ابن السني من رواية أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن عبد الله ورواه ابن السني من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود. قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه فإنه مختلف في سماعه من أبيه. وتعقبه الذهبي فقال: أبو سلمة لا يدري من هو ولا رواية له في الكتب الستة - انتهى. وقال الشيخ أحمد شاكر في شرحه للمسند: إسناده صحيح ثم نقل تخريجه عن الهيثمي وكلامه المتقدم ثم ذكر تصحيح الحاكم وتعقب الذهبي عليه. ثم قال: أبو سلمة الجهني ترجمه الحافظ في التعجيل (ص٤٩٠، ٤٩١) ونقل عن الحسيني أنه قال ((مجهول)) وكلام الذهبي أنه لا يدري من هو، ثم قال: وقد ذكره ابن حبان في الثقات وأخرج حديثه في صحيحه وقرأت بخط الحافظ ابن عبد الهادي ((يحتمل أن يكون خالد بن