للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣

٢٤٧٩- (٤١) وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: قُلْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ مِنْ شَيْءٍ نَقُولُهُ فَقَدْ بَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ؟ قَالَ: نَعَمْ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا. قَالَ: فَضَرَبَ اللَّهُ وُجُوهَ أَعْدَائِهِ بِالرِّيحِ، هَزَمَ اللَّهُ بِالرِّيحِ. رواه أحمد.

ــ

٢٤٧٩- قوله: (قال: قلنا يوم الخندق) أي: يوم الأحزاب في المدينة، وسبب حفر الخندق أنه لما بلغه - صلى الله عليه وسلم - أن أهل مكة تحزبوا لحربه وجمعوا من مشركي العرب وأهل الكتاب ما لا طاقة له بهم فاستشار أصحابه فأشار سلمان الفارسي بحفره كما هو عرف بلادهم إذا قصدهم العدو الذي لا طاقة لهم بهم حول المدينة ليمنعهم دخولها بغتة ويستأمن به المسلمون على نسائهم وأولادهم فحفره هو وأصحابه بضعة عشر يومًا ورأوا فيها من الشدة والجوع والمعجزات ما هو مسطور في محله وكان ذلك في شوال سنة خمس من الهجرة وقيل غير ذلك، وقد بسط أهل السير في هذه الوقعة ما هو معروف فلا نطيل بذكرها (فقد بلغت القلوب الحناجر) ، أي فزعًا ورعبًا، فإن الرئة تنتفخ من شدة الروع فيرتفع القلب بارتفاعها إلى رأس الحنجرة وهي منتهى الحلقوم. قال الشوكاني في فتح القدير: الحناجر جمع حنجرة وهي جوف الحلقوم، أي ارتفعت القلوب عن أماكنها ووصلت من الفزع والخوف إلى الحناجر فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها وهو الذي نهايته الحنجرة لخرجت كذا قال قتادة. وقيل هو على طريق المبالغة المعهودة في كلام العرب وإن لم ترتفع القلوب إلى ذلك المكان ولا خرجت عن مواضعها ولكنه مثل في اضطرابها وجبنها يعني هو على سبيل التمثيل عبر به عن شده الخوف والاضطراب. قال الفراء: والمعنى أنهم جبنوا وجزع أكثرهم وسبيل الجبان إذا اشتد خوفه أن تنتفخ رئته فإذا انتفخت الرئة ارتفع القلب إلى الحنجرة ولهذا يقال للجبان انتفخ سحره (قال نعم) ، أي قولوا (اللهم استر عوراتنا) جمع عورة وهي كل ما يستحي منه ويسوء صاحبه أن يرى منه (وآمن روعاتنا) جمع روعة وهي المرة من الروع بمعنى الفزع والخوف (فضرب الله) ، أي بعد ما قال لهم. وقالوا دفع الله وصرف عن مقاتلة المسلمين ومقابلتهم (وجوه أعدائه بالريح) بأن جعلها مسلطة عليهم حتى كفأت قدورهم وألقت خيامهم ووقعوا في برد شديد وظلمة عظيمة (هزم الله) وفي بعض النسخ من المشكاة ((وهزم الله)) بالواو العاطفة، والمعنى على الأول هزمهم فيكون استئنافًا لضرب أو بدلاً منه (بالريح) قال الطيبي: الظاهر أن يقال ((فانهزموا بها)) فوضع المظهر موضع المضمر ليدل به على أن الريح كانت سببًا لإنزال الرجز، وأقحم لفظ الله ليدل به على قوة ذلك السبب - انتهى. قلت: والذي في مسند أحمد فهزمهم الله عز وجل بالريح وهذا ظاهر لا يحتاج إلى ما تكلفه الطيبي (رواه أحمد) (ج٣: ص٣) ورواته ثقات، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (ج١٠: ص١٣٦) وقال: رواه أحمد والبزار وإسناد البزار متصل ورجاله ثقات، وكذلك رجال أحمد إلا أن في نسختي من المسند عن ربيح بن أبي سعيد عن أبيه وهو في البزار عن أبيه عن جده. قلت: وهو كذلك في نسخة

<<  <  ج: ص:  >  >>