شرح "زرادي" بالأردية، وسماه "الهادي"، وكذلك طبع مقالتي الوجيزة "الإمام الشوكاني" في سنة ١٣٦٤هـ، وعلاوة عليها ترجم رسالة للرازي "عصمة الأنبياء"، وشرح كتاب "أبواب الصرف" للشيخ الحافظ محمد اللكهوي، ولم يطبعا بعد.
ولكن واحسرتاه! هذا الشاب الطويل القامة النحيف الجسم، المليء بالعلم والذوق السليم كان مصاباً بمرض المعدة، وازداد مرضه تدريجاً حتى قضى على حياته، وتوفاه الأجل المحتوم في آخر شوال سنة ١٣٦٨هـ، الموافق أغسطس سنة ١٩٤٩م - إنا لله وإنا إليه راجعون، وقد توفي والده الشيخ محمد الباقر أيضاً.
وبعد انقسام شبه القارة إلى الدولتين: الهند والباكستان عام ١٣٦٦هـ الموافق لعام ١٩٤٧م هاجرت من فيروزبور الهند إلى باكستان، ولقاء صديقنا هناك كان أمراً طبيعياً، وشعرنا بأنه قد حان موعد تعبير الأحلام التي كنا نحلم بها - وكانت المقترحات والمشورات والمشاريع السابقة مواضيع لقاءنا -، فقررنا إحياء مشروع سلفنا بتحشية وطبع كتب الحديث وما يتعلق بها، وأن نبدأ العمل بمشكاة المصابيح، وطلب مني التعليق عليه فاعتذرت بعدم استعدادي له، وعرضت عليه اسم فضيلة الشيخ عبيد الله الرحماني المباركفوري - حفظه الله وبارك في حياته ونفع بعلومه -، فوافق عليه والتمس هو من الشيخ الرحماني المباركفوري - حفظه الله - بالقيام لهذه الخدمة الجليلة الشأن، فقبل الشيخ اقتراحنا بكل بشاشة وفرح، ولكن قدر مدة تكميل العمل بأربع سنوات على الأقل، وبدأ العمل في ١٣٦٧هـ الموافق ١٩٤٧م.
ــ
وكنت قد انتقلت ذاك الوقت على طلب مخدومنا الشيخ العلام السيد محمد داود الغزنوي - رحمه الله - إلى مدرسته تقوية الإسلام في لاهور؛ لأقوم بخدمة التدريس فيها، ونزل الصديق الحافظ محمد زكريا لطباعة بعض الكتب لاهور، وأقام عندي عدة شهور، وشعرنا بأنه لا ينبغي الانتظار لتكميل حاشية المشكاة، بل لابد من بدء عمل آخر، فقررنا طبع سيرة المحدث الدهلوي السيد نذير حسين - رحمه الله - "الحياة بعد المماة" طباعة ممتازة أنيقة.
وبما أنه كان لا يوجد في ذاك الوقت سنن أبي داود في المكاتب فصممنا على طبعه بتعليق جديد، وبدأت بتأليف "فيض الودود" تعليق سنن أبي داود على إلحاحه، واعتنى هو لتسيير العمل بمساعدة مالية، وفي أثنائه غادر هو لاهور إلى بيته واشتد مرضه، وبعد أيام جاء نعي وفاته المؤلم، اهتز له كل من كان يعرفه، وخاصة كاتب هذه السطور، {فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر} .
ــ
ومكتبتي التي ضاعت بفيروز بور قد أسستها من جديد بلاهور - باسم المكتبة السلفية، وعمل تأليف فيض الودود تعليق سنن أبي داود، وإن لم يتعدّ على جزئين فقط، ولكن لم تمض فترة إلا أن قيض الله سبحانه وتعالى أسباباً لا نتوقعها لتأليف وطبع كتاب عظيم "التعليقات السلفية على سنن النسائي" في غضون أربع سنوات تحت إشراف وعناية المكتبة السلفية، {وهذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر} .
وبعد سنة فصاعداً قد علمنا بأن فضيلة الشيخ عبيد الله الرحماني قد أرسى قواعد شرح جليل لمشكاة المصابيح بدل تعليق بسيط عليه، وأكمل الجزء الأول منه وأرسله إلينا للطبع، وإنها لحقيقة أننا ما كنا مستعدين له في ذاك الوقت؛ لأن جمعية قرية صغيرة ما كانت تستطيع أن تتحمل نفقات الطبع الباهضة، ثم الموانع والمشاكل في كل مرحلة حالت دون