للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- ٦ -

واستمر على هذا المنهاج في التأليف والتدريس من جاء بعدهم عامة إلا من شاء الله منهم، ولا يخفى أن هذا الوضع قد يشوش أذهان طلاب الحديث، حيث يكون التعليق مخالفاً للمتن، ولذا شعرنا بحاجة إلى حواشي وتعليقات على كتب الأحاديث المتداولة بين المدارس الدينية في بلادنا تحل تلك المشكلة ولا تشوش بنفسها ذهن الطالب، بل تؤيد اتجاه أئمة الحديث وتوضحه، وروعي فيها المعايير المحايدة للمحدثين في الجرح والتعديل والبحث والتمحيص، ولوحظ فيها الأصول الفقهية للشاه ولي الله - رحمه الله -، واحترم فيها جميع السلف من المحدثين والفقهاء، بدون فرق بين مذهب ومذهب.

وتقع مسؤولية هذا العمل الجليل على عواتق علماء أهل الحديث في شبه القارة الهندية، وقد اعتنوا به شيئاً ما، فحواشي سنن ابن ماجه (١٣١٢هـ) ، وسنن أبي داود (١٣١٨هـ) للشيخ محمد بن نور الدين الهزاروي التلميذ الراشد للشيخ العلامة حسين بن محسن اليماني البهوبالي (م ١٣٢٧هـ) طبعت في أصح المطابع بلكنؤ، وحاشية سنن النسائي للشيخ أبي عبد الرحمن محمد البنجابي (م ١٣١٥هـ) ، والشيخ أبي يحيى محمد الشاهجهانفوري (م١٣٣٨هـ) تلميذي المحدث الدهلوي السيد نذير حسين، طبعت في المطبع الأنصاري بدلهي سنة ١٣١٥هـ، ويندرج تحتها تنقيح الرواة حاشية على المشكاة للشيخ السيد أحمد حسن الدهلوي (م١٣٢٨هـ) تلميذ شيخ الكل السيد نذير حسين الدهلوي - رحمهم الله -، ولكن جمعية أهل الحديث في شبه القارة الهندية قد تعرضت فيما بعد لحوادث - ليس هذا محل تفصيلها -، فتوقف هذا العمل الجليل من جرائها لفترة طويلة، ولكن كل فرد من أفرادها مازال يشعر بالحاجة إليه.

ــ

والغرض من إطالة هذه الحكاية الممتعة للمسامع إزاحة الستار عما يكمن وراء الحوار، والمحادثات والمقترحات التي كانت تمتد إلى ساعات طويلة بيني وبين صديقي المغفور له الحافظ محمد زكريا، وقد لقيته إبان الحرب العالمية الثانية - كما أذكر - حينما كنت مقيماً ببلدة فيروزبور (البنجاب الشرقي) للتدريس والخطابة، وقد كثرت اللقاءات، ووحدة الذوق والفكر دائماً يحدونا إلى اللقاء والمحادثة، وأكبر همنا كان التخطيط لإحياء نهضة سلفنا - عمل نشر علوم الحديث - من جديد.

ــ

وعلى بعد ٣٠ ميلاً من المدينة الصناعية لائل بور (البنجاب الغربي) وفي ناحيتها الغربية الجنوبية تقع قرية تسمى "جهوك دادو طور"، يسكنها العالم الرباني الشيخ محمد الباقر، تلميذ المحدث الحافظ عبد المنان الوزير آبادي (م ١٣٣٤هـ) ، والمستفيض من علوم ومعارف الشيخ عبد الجبار الغزنوي (م١٣٣٢هـ) - رحمهما الله وغفر لهما -، وصديقنا المرحوم الحافظ محمد زكريا كان أكبر أولاده، وقد ولد في نفس القرية سنة ١٣٣٢هـ غالباً -، غيب القرآن وتعلم اللغة الأردية في بيته، وقرأ مبادئ اللغة العربية في قرية قريبة من مديرية شيخوبورة، وأقام مدة يسيرة بمدرسة تقوية الإسلام أمرتسر - البنجاب -، ثم ارتحل إلى كوجرانواله وتتلمذ على الشيخ العلامة الحافظ محمد - حفظه الله ونفع بعلومه -، والشيخ محمد إسماعيل - رحمه الله -، وقرأ عليهما الصحاح الستة وغيرها من كتب الحديث والعلوم، وحصل منهما الشهادة والإجازة، وبما أنه كان يميل إلى الكتابة والتأليف ونشر الكتب - وهذا هو وجه الرابطة بيني وبينه لأني أيضاً كنت أميل إليه من بدء شعوري - فترجم رسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية، و"والوابل الصيب" لابن القيم - رحمهما الله - إلى اللغة الأردية، وطبعها على رغبتي ومشورتي، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>