٢٤٨٢- (٢) وعن أَنَسَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.
ــ
على إيراد الحديث القولي الذي ورد فيه الخصال الأربعة بغير تمييز وفصل ولم ينبها على رواية الشك والتردد والزيادة ولا يخفى ما في ذلك. نعم الأحوط لنا أن نذكر عند الدعاء بهذه الاستعاذة الجمل الأربع ونستعيذ من الخصال الأربعة جميعًا.
٢٤٨٢- قوله (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل) الحزن بفتحتين وبضم فسكون مثل رَشَد ورشُد، قيل الفرق بينه وبين الهم أن الحزن إنما يكون في أمر قد وقع والهم إنما هو في ما يتوقع وكثير من الناس لا يفرقون بينهما ويجعلونه من باب التكرير والتأكيد وكثيرًا ما يجيء مثل هذا التأكيد بالعطف مراعاة لتغاير اللفظ والعجز بسكون الجيم قال النووي: هو عدم القدرة على الخير، وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف به وأما الكسل وهو بفتحتين فهو عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة فيه مع إمكانه، وقيل العجز سلب القوة وتخلف التوفيق إذ صفة العبد العجز وإنما يقوى بقوة يحدثها الله فيه فكأنه استعاذ به أن يكله إلى أوصافه فإن كل من رد إليها فقد خذل والكسل التثاقل والتراخي مما ينبغي مع القدرة والاستطاعة والقوة، فالعاجز معذور والكسلان لا، ومع ذلك هو حالة ردية ولو مع عذر فلذا تعوذ منه والجبن ضد الشجاعة التي فيها فضيلة قوة الغضب وانقيادها للعقل وقيل هو الخور عن تعاطي الحرب خوفًا على المهجة وإمساك النفس والضن بها عن إتيان واجب الحق والبخل ضد الكرم، وفي كلام العرب منع الإحسان أو منع السائل المحتاج عما يفضل عن الحاجة، وفي الشرع منع ما وجب، قيل: الجبن والبخل قد يكونان غريزة وقد يعرض كل منها لمن ليس هو غريزة له، وذلك بحسب قوة الدواعي والموانع، ومن قوي إيمانه لم يكد يظهر منه أثر بخل أو جبن في سبيل الله وإن كان سجية له اللهم إلا أن يغفل عن استحضار مقتضى إيمانه فإنه حينئذٍ يظهر منه أثرهما فالاستعاذة من الجبن والبخل لئلا يظهر من أثرهما ما قد يخل بطاعة الله عز وجل ولا يكون ذلك إلا بقوة الإيمان واليقين لا بتبديل الغريزة، إلا أن فيه خرقًا للعادة، والمقصود لا يتوقف عليه، كذا في شرح الأدب المفرد. قال النووي: إنما استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجبن والبخل لما فيها من التقصير عن أداء الواجبات والقيام بحقوق الله تعالى وإزالة المنكر والإغلاظ على العصاة، ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات ويقوم بنصر المظلوم والجهاد وبالسلامة من البخل يقوم بحقوق المال وينبعث للإنفاق والجود والمكارم الأخلاق ويمتنع من طمع النفس فيما ليس له (وضلع الدين) بفتح المعجمة واللام، قال الحافظ: أصل الضلع الاعوجاج يقال: ضلع بفتح اللام يضلع أي مال، والمراد به هنا ثقل الدين وشدته وذلك حيث لا يجد من عليه الدين وفاء ولا سيما مع المطالبة. وقال بعض السلف: ما دخل هم الدين قلبًا إلا أذهب من العقل ما لا يعود إليه (وغلبة الرجال) أي شدة تسلطهم كاستيلاء العوام والرعاع (سفلة الناس) هرجًا ومرجًا. وقال ابن القيم: كل اثنتين منها قرينتان، فالهم والحزن