٢٤٨٣- (٣) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من عَذَابِ النَّارِ وفِتْنَةِ النَّارِ
ــ
قرينتان إذ المكروه الوارد على القلب إن كان من مستقبل يتوقعه أحدث الهم أو من ماض أحدث الحزن، والعجز والكسل قرينتان فإن تخلف العبد عن أسباب الخير إن كان لعدم قدرته فالعجز، أو لعدم إرادته فالكسل، والجبن والبخل قرينتان فإن عدم النفع إن كان ببدنه فالجبن أو بماله فالبخل، وضلع الدين وقهر الرجال قرينتان فإن استيلاء الغير عليه إن كان بحق فضلع الدين أو بباطل فقهر الرجال. قال الكرماني: هذا الدعاء من جوامع الكلم لأن أنواع الرذائل ثلاثة: نفسانية، وبدنية، وخارجية. فالأولى بحسب القوى التي للإنسان وهي ثلاثة: العقلية، والغضبية، والشهوانية. فالهم والحزن يتعلق بالعقلية، والجبن بالغضبية، والبخل بالشهوانية. والعجز والكسل بالبدنية. والثاني يكون عند سلامة الأعضاء وتمام الآلات والقوى، والأول عند نقصان عضو ونحوه، والضلع والغلبة بالخارجية فالأولى مالي. والثاني جاهي. والدعاء مشتمل على جميع ذلك (متفق عليه) أخرجه البخاري في الدعوات هكذا مختصرًا وفي جملة حديث طويل أيضًا من رواية عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس، وأخرجه مسلم في الدعاء مختصرًا باختلاف يسير من طريق آخر، وكذا البخاري في الجهاد، وأخرجه أيضًا أحمد، والترمذي في الدعوات، وأبو داود في أواخر الصلاة، والنسائي في الاستعاذة والبغوي (ج٥: ص١٥٥) .
٢٤٨٣- قوله (والهرم) بفتحتين، والمراد به إلى أرذل العمر كما جاء في رواية وهو صيرورة الرجل خرف من كبر السن وسبب الاستعاذة من ذلك ما فيه من الخرف واختلال العقل والحواس والضبط والفهم وتشويه بعض المنظر والعجز عن كثير من الطاعات والتساهل في بعضها. قال الشوكاني: الهرم هو البلوغ في العمر إلى سن تضعف فيه الحواس والقوى ويضطرب فيه الفهم والعقل وهو أرذل العمر، وأما مجرد طول العمر مع سلامة الحواس وصحة الإدراك فذلك مما ينبغي الدعاء به لأن بقاء المؤمن متمتعًا بحواسه قائمًا بما يجب عليه متجنبًا لما لا يحل فيه حصول الثواب وزيادة الخير (والمغرم) مصدر وضع موضع الاسم وقد تقدم تفسيره في باب الدعاء في التشهد. قال النووي: أما استعاذته - صلى الله عليه وسلم - من المغرم وهو الدين فقد فسره - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف، ولأنه قد يمطل المدين صاحب الدين، ولأنه قد يشتغل به قلبه، وربما مات قبل وفائه فبقيت ذمته مرتهنة به (والمأثم) مصدر وضع موضع الاسم وقد قدم بيانه وتفسيره أيضًا (اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار) ، أي بعد فتنتها. قال القاري: أي من أن أكون من أهل النار وهم الكفار فإنهم هم المعذبون. وأما الموحدون فإنهم مؤدبون ومهذبون بالنار لا معذبون بها (وفتنة النار) ، أي فتنة تؤدي إلى عذاب النار لئلا يتكرر. ويحتمل أن يراد بفتنة النار سؤال الخزنة على سبيل التوبيخ وإليه الإشارة