للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ. رواه أبو داود، والنسائي.

٢٤٩٥- (١٥) وعن قُطْبَةُ بْنُ مَالِكٍ قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَهْوَاءِ

ــ

زوال العقل الذي هو منشأ الخيرات العلمية والعملية، (ومن سيئ الأسقام) ، الإضافة ليست بمعنى من كقولك خاتم فضة بل هي من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي الأسقام السيئة، يعني الأمراض القبيحة الفاحشة الرديئة تكون سببًا لعيب يتنفر منه الخلق أو فساد أعضائه كالاستسقاء والسل والفالج والمرض المزمن الطويل، وهو تعميم بعد تخصيص نص على تلك الثلاثة مع دخولها في سيئ الأسقام لكونها أبغض شيء إلى العرب بل إلى جميع الناس، ولهم عنها نفرة عظيمة، ولهذا عدوا من شروط الرسالة السلامة من كل ما ينفر الخلق ويشوه الخلق قال صاحب الفتح الرباني: اعلم أن الأمراض المنفرة لا تجوز على الأنبياء بل يشترط في النبي سلامته من كل منفر وإنما ذكرها - صلى الله عليه وسلم - تعليمًا للأمة كيف تدعو. قال الطيبي: وإنما لم يتعوذ من الأسقام مطلقًا، أي سائر الأسقام بل قيد بالسيئ فإن بعضها مما يخف مؤنته وتكثر مثوبته عند الصبر عليه مع عدم إزمانه كالحمى والصداع والرمد يعني أن من الأمراض ما إذا تحامل الإنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته وعظمت مثوبته قال: وإنما استعاذ من السقم المزمن فينتهي بصاحبه إلى حالة ينفر منها الحميم ويقل دونها المؤانس والمداوى مع ما يورث من الشين فمنها الجنون الذي يزيل العقل فلا يأمن صاحبه القتل، ومنها البرص والجذام وهما العلتان المزمنتان مع ما فيهما من القذارة والبشاعة وتغيير الصورة - انتهى. وقال ابن مالك: الحاصل أن كل مرض يحترز الناس من صاحب ذلك المرض ولا ينتفعون منه ولا ينتفع منهم ويعجز بسبب ذلك المرض عن حقوق الله وحقوق عباده يستحب الاستعاذة من ذلك. (رواه أبو داود، والنسائي) في الاستعاذة، وأخرجه أيضًا أحمد (ج: ص) ، والطيالسي (ج١: ص٢٥٨) وابن أبي شيبة، وسكت عنه أبو داود والمنذري، وصحح النووي سنده في الرياض والأذكار.

٢٤٩٥- قوله (وعن قطبة) بضم القاف وسكون الطاء المهملة وفتح الباء الموحدة (بن مالك) الثعلبي بمثلثة، ومهملة من بني ثعلبة بني ذبيان ولذلك يقال له الذبياني، وهو عم زياد بن علاقة الذي روى هذا الحديث عنه، صحابي سكن الكوفة (اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق) المنكر ما لا يعرف حسنه من جهة الشرع أو ما عرف قبحه من جهته، والمراد بالأخلاق الأعمال الباطنة كحقد وبخل وحسد وجبن ونحوها، واستعاذ من منكرات الأخلاق لأنها تكون سببًا لجلبب كل شر ودفع كل خير (والأعمال) ، أي الأفعال الظاهرة وهي تعم الصغائر والكبائر من نحو قتل وزنا وشرب خمر وسرقة ونحوها (والأهواء) جمع الهوى مصدر هواه إذا أحبه ثم سمي بالهوى المشتهي محمودًا كان أو مذمومًا ثم غلب

<<  <  ج: ص:  >  >>