الشفق، وقال في مادة ((وقب)) وقب الظلام دخل والشمس وقبا ووقوبًا غابت والقمر دخل في الخسوف ومنه غاسق إذا وقب. - انتهى. وقال القاضي: الغاسق الليل إذا غاب الشفق واعتكر ظلامه من غسق يغسق إذا أظلم وأطلق ها هنا على القمر لأنه يظلم ووقوبه دخوله في الكسوف واسوداده. قال الطيبي: وإنما استعاذ من كسوفه لأنه من آيات الله الدالة على حدوث بلية ونزول نازلة كما قال عليه الصلاة والسلام ولكن يخوف الله به عباده ولأن اسم الإشارة في الحديث كوضع اليد في التعيين وتوسيط ضمير الفصل بينه وبين الخبر المعروف يدل على أن المشار إليه هو القمر لا غير وتفسير الغاسق بالليل يأباه سياق الحديث كل الإباء ولأن دخول الليل نعمة من نعم الله تعالى ومن الله تعالى على عباده في كثير من الآيات، قال تعالى:{جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}(١٠: ٦٧، ٤٠: ٦١) قال القاري: قد يرد مثل هذا ادعاء وإرادة للمبالغة وقصدًا للتخصيص إيماء إلى أنه أعظم أفراد نوعه وبه يدفع قوله وتفسير الغاسق بالليل يأباه سياق الحديث. قال: ولا يشك أحد أن دخول الليل نعمة ولكن لا يلزم من كونه نعمة أنه لا يتضمن نقمة، ولذا قال تعالى في صدر السورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن * شَرِّ مَا خَلَقَ}(١١٣: ١، ٢) تعميمًا ثم قال {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}(١١٣: ٣) إلخ. تخصيصًا - انتهى كلام القاري مختصرًا. وقال الخازن: في تفسيره بعد ذكر حديث عائشة هذا ما لفظه: فعلى هذا الحديث المراد به القمر إذا خسف وأسود. ومعنى وقب دخل في الخسوف أو أخذ في الغيبوبة. وقيل سمي لأنه إذا خسف اسود وذهب ضوءه. وقيل إذا وقب دخل في المحاق وهو آخر الشهر وفي ذلك الوقت يتم السحر المورث للتمريض وهذا مناسب لسبب نزول هذه السورة. وقال ابن عباس (وإليه ذهب جمهور المفسرين) الغاسق الليل إذا وقب، أي أقبل بظلمته من المشرق، وقيل سمي الليل غاسقًا لأنه أبرد من النهار والغسق البرد وإنما أمر بالتعوذ من الليل لأن فيها تنتشر الآفات ويقل الغوث وفيه يتم السحر. وقيل: الغاسق الثريا إذا سقطت وغابت، وقيل إن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها فلهذا أمر بالتعوذ من الثريا عند سقوطها - انتهى. وقال ابن جرير في تفسيره: ولأولى الأقوال في ذلك عندي أن يقال أن الله أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يستعيذ من شر غاسق وهو الذي يظلم، يقال قد غسق الليل يغسق غسوقًا إذا أظلم، إذا وقب يعني إذا دخل في ظلامه، والليل إذا دخل في ظلامه غاسق والنجم إذا أفل غاسق والقمر غاسق إذا وقب، ولم يخصص بعد ذلك بل عم الأمر بذلك فكل غاسق فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤمر بالاستعاذة من شره إذا وقب - انتهى. وارجع لمزيد الكلام في ذلك إلى التفسير القيم (ص٥٥٧،٥٦٠)(رواه الترمذي) ، في تفسير سورة المعوذتين وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه أيضًا أحمد (ج٦: ص ٦١، ٢٠٦، ٢١٥، ٢٣٧، ٢٥٢) ، والنسائي في التفسير من سننه الكبرى وفي عمل اليوم والليلة، والبغوي (ج٥: ص١٦٧) ، وابن جرير في تفسيره، وابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة، والحاكم (ج٢: ص٥٤٠، ٥٤١) ، وابن مردويه، وابن السني (ص٢٠٩) ، وحسنه الحافظ وتعجب من تضعيف النووي له في فتاويه مع قول الترمذي فيه: أنه حديث حسن صحيح، وكذا صححه الحاكم ووافقه الذهبي ورجاله رجال الصحيح إلا الحارث بن عبد الرحمن