للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَوَاهُ أَبُو دَاود، والتِرْمذي وهذَا لفْظُه.

ــ

رابعًا وهو إن فعل ذلك استهزاء بآيات الله ومناقضة لما جاءت به فإن الله أنزل القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وشفاء لما في الصدور ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا وإنه لتذكرة للمتقين ولم ينزل القرآن ليتخذ حجبًا وتمائم ولا ليتلاعب به المتأكلون به الذين يشترون به ثمنًا قليلاً والذين يقرؤنه على المقابر وأمثال ذلك مما ذهب بحرمة القرآن وجرأ رؤساء المسلمين على ترك الحكم به. وأجاب هؤلاء عن حديث عبد الله بن عمرو أولاً بأنه ضعيف وإن حسنه الترمذي، وصححه الحاكم وذلك لأن في سنده محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن. وثانيًا بأنه لو فرضنا صحته فليس فيه أيضًا حجة لأنه ليس فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - رأى ذلك وأقره. وثالثًا بأنه عمل فردي من عبد الله بن عمرو لا يترك به حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمل كبار الصحابة الذين لم يعملوا مثل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، قال الوشاكاني في تحفة الذاكرين (ص ٨٩) في شرح حديث عبد الله بن عمرو هذا: قد ورد ما يدل على عدم جواز التمائم فلا تقوم بفعل عبد الله بن عمرو حجة - انتهى. ورابعًا: بأن غاية ما يدل عليه فعل عبد الله بن عمرو الصحابي هو جواز تعليق التمائم على الصغار الذين لا يعقلون ولا يقدرون على حفظ كلمات التميمة والذين ذهبوا إلى جواز التعليق أباحوه مطلقًا، أي لم يخصوه بالصغار بل توسعوا فيه عملاً للكبار والرجال والنساء حتى الكفرة الفجرة والفسقة أيضًا ولا يخفى ما في ذلك من القبائح. قال العلامة الشيخ أبو الطيب صديق بن حسن القنوجي البوفالي في ((الدين الخالص)) بعد نقل الوجوه الثلاثة المذكورة في فتح المجيد ما لفظه: الوجه الثالث لمنع التعليق ضعيف جدًا لأنه لا مانع من نزع التمائم عند قضاء الحاجة ونحوها لساعة ثم يعلقها، والراجح في الباب أن ترك التعليق أفضل في كل حال بالنسبة إلى التعليق الذي جوزه بعض أهل العلم بناء على أن يكون بما ثبت لا بما لم يثبت لأن التقوى له مراتب وكذا الإخلاص وفوق كل رتبة في الدين رتبة أخرى والمحصلون لها أقل ولهذا ورد في الحديث في حق السبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب أنهم هم الذين لا يرقون ولا يسترقون مع أن الرقى جائزة وردت بها الأخبار والآثار والله أعلم بالصواب. والمتقي من يترك ما ليس به بأس خوفًا مما به بأس - انتهى. كلامه. قلت: والأحوط عندي هو ترك التعليق وجوبًا لا ندبًا فقط سدًا للباب وقطعًا للذريعة والله تعالى أعلم (رواه أبو داود) في الطب، (والترمذي) في الدعوات، (وهذا) أي المذكور (لفظه) ، أي لفظ الترمذي فرواه أبو داود بمعناه وكذا ابن أبي شيبة، وأحمد (ج٢: ص١٨١) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة، والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عبد البر في التمهيد، وابن السني (ص٢٣٩) ، والحاكم (ج١: ص٥٤٨) وليس عنده تخصيصها بالنوم رواه جميعهم من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقد سكت عنه أبو داود وحسنه الترمذي. وقال المنذري بعد نقل تحسين الترمذي (ج: ص٣٦٦) : وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه وعلى عمرو بن شعيب - انتهى. قلت: الحديث المرفوع روي أيضًا من غير طريق محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فقد روى أحمد (ج٤: ص٥٧، وج٦: ص٦) ، وابن السني (ص٢٠٦) ، والنسائي في اليوم والليلة من حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>