للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٠٢- (٢٢) وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَتْ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ. رَوَاهُ التِرْمذي،

ــ

محمد بن يحيى بن حبان عن الوليد بن الوليد أنه قال: يا رسول الله إني أجد وحشة، قال: إذا أخذت مضجعك فقل. فذكر مثله وهذا منقطع. محمد لم يسمع من الوليد، وروى أيضًا النسائي، وابن السني، وابن عبد البر في التمهيد من طريق محمد بن يحيى بن حبان: أن خالد بن الوليد الحديث. وهذا أيضًا مرسل، وروى ابن السني (ص٢٣٦، ٢٣٧) من طريق سفيان عن محمد بن المنكدر قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكا إليه أهاويل يراها في النوم فقال: إذا أويت إلى فراشك فقل فذكر مثله. وهذا أيضًا مرسل، وقال مالك في الموطأ بلغني أن خالد بن الوليد قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أروع في منامي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل. فذكر مثله. وروى الطبراني في الأوسط عن أبي أمامة قال: حدث خالد بن الوليد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أهاويل يراها بالليل حالت بينه وبين صلاة الليل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا خالد ألا أعلمك كلمات تقولهن الحديث. وهذه الطرق يشد بعضها بعضًا وتدل بمجموعها على أن للحديث أصلاً قويًا والله أعلم. وأما اختلاف الروايات في أن القصة للوليد بن الوليد أو لأخيه خالد أو لرجل منهم فيدفع بأن القصة وقعت لهما جميعًا.

٢٥٠٢- قوله (من سأل الله الجنة) ، أي دخولها بصدق وإيقان وحسن نية بأن قال: اللهم إني أسالك الجنة أو قال اللهم أدخلني الجنة (ثلاث مرات) ، أي كرره في مجالس أو في مجلس بطريق الإلحاح على ما ثبت أنه من آداب الدعاء (قالت الجنة) ببيان الحال أو بلسان القال لقدرته تعالى على إنطاق الجمادات وهو الظاهر، وقيل: المراد أهل الجنة من الحور والولدان أو خزنتها (اللهم أدخله الجنة) ، أي دخولاً أوليًا أو لحوقًا آخريًا (ومن استجار) ، أي استحفظ (من النار) بأن قال اللهم أجرني من النار (قالت النار اللهم أجره) ، أي احفظه أو أنقذه (من النار) ، أي من دخوله أو خلوده فيها. قال الطيبي: وفي وضع الجنة والنار موضع ضمير المتكلم تجريد ونوع من الالتفات، ثم قال وقول الجنة والنار يجوز أن يكون حقيقة ولا بعد فيه كما في قوله تعالى: {وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} (٥٠: ٣٠) ويجوز أن يكون استعارة شبه استحقاق العبد بوعد الله ووعيده بالجنة والنار في تحققهما وثبوتهما بنطق الناطق كأن الجنة مشتاقة إليه سائلة داعية دخوله والنار نافرة منه داعية له بالبعد منها، فأطلق القول وأراد التحقق والثبوت، ويجوز أن يقدر مضاف، أي قال خزنتهما فالقول إذًا حقيقي. قال القاري: لكن الإسناد مجازي. قال ابن حجر: الحمل على لسان الحال وتقدير المضاف مخالف للقواعد المقررة أن كل ما ورد في الكتاب والسنة ولم يحل العقل حمله على ظاهره لم يصرف عنه إلا بدليل، ونطق الجمادات بالعرف واقع كتسبيح الحصى في يده - صلى الله عليه وسلم - وحنين الجذع وغيره - انتهى. قلت: حمل القول على الحقيقة هو الظاهر الراجح ولا وجه للعدول عنه. وفي الحديث حث على كثرة سؤال الجنة والتعوذ من النار. (رواه الترمذي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>