للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ. رواه مسلم.

٢٥٠٨- (٣) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى

ــ

فيها معاشي) أي: بإعطاء الكفاف فيما يحتاج إليه وكونه حلالاً معينًا على الطاعة. وقيل: معناه احفظ من الفساد ما أحتاج إليه في الدنيا (وأصلح لي آخرتي) أي: بالتوفيق للعبادة والإخلاص في الطاعة وحسن الخاتمة (التي فيها معادي) مصدر عاد إذا رجع أي: وفقني للطاعة التي هي إصلاح معادي قاله القاري. وقال الجزري: أي: ما أعود إليه يوم القيامة وهو إما مصدر أو ظرف انتهى أي: مكان عودي أو زمان إعادتي (واجعل الحياة زيادة لي في كل خير) أي: اجعل حياتي سبب زيادة الخيرات من العبادة والطاعة والإخلاص وقيل: أي: اجعل عمري مصروفًا فيما تحب وترضى وجنبني عما تكره (واجعل الموت راحة لي من كل شر) أي: من الفتن والمحن والابتلاء بالمعصية والغفلة. وقال زين العرب: أي: بأن يكون على شهادة واعتقاد حسن وتوبة حتى يكون موتي سبب خلاصي عن مشقة الدنيا والتخليص من غمومها وهمومها وحصول الراحة في العقبى. وقيل: فيه إشارة إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون)) وهذا هو النقصان الذي يقابل الزيادة في القرينة السابقة. قال الشوكاني في تحفة الذاكرين (ص٢٨٤) : هذا الحديث من جوامع الكلم لشموله لصلاح الدين والدنيا، ووصف إصلاح الدين بأنه عصمة أمره لأن صلاح الدين هو رأس مال العبد وغاية ما يطلبه، ووصف إصلاح الدنيا بأنها مكان معاشه الذي لا بد منه في حياته وسأله إصلاح آخرته التي هي المرجع وحولها يدندن العباد وقد استلزم ذلك سؤال إصلاح الدين لأنه إذا أصلح دين الرجل فقد أصلح له آخرته التي هي دار معاده، وسأله أن يجعل الحياة زيادة له في كل خير لأن من زاده الله خيرًا في حياته كانت حياته صلاحًا وفلاحًا وسأله أن يجعل له الموت راحة له من كل شر لأنه إذا كان الموت دافعًا للشرور قاطعًا لها ففيه الخير الكثير للعبد ولكنه ينبغي له أن يقول: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي كما علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يشمل كل أمره ومعلوم أن من لم يكن في حياته إلا الوقوع في الشرور فالموت خير له من الحياة وراحة له من محنها - انتهى. (رواه مسلم) في الدعاء، ولم يخرجه البخاري في صحيحه فهو من أفراد مسلم، نعم أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ج٢: ص١٢٢) ، وأبو عوانة في الدعوات، والطبراني في الصغير (ص١٢٨) .

٢٥٠٨- قوله: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى) بالضم والقصر أي: الهداية والتقوى (والعفاف) بالفتح الكف عن المعاصي وعما لا ينبغي (والغنى) بالكسر والقصر اليسار والمراد غنى القلب لا غنى اليد. قال النووي: العفاف والعفة هو التنزه عما لا يباح والكف عنه والغنى ها هنا غنى النفس والاستغناء عن الناس وعما في أيديهم. وقال في

<<  <  ج: ص:  >  >>