٢٥٠٩- (٤) وعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: قُلْ اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ وَبالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهْمِ. رواه مسلم.
ــ
المعتصر: ليس المراد بالغنى غنى المال بل غنى النفس القاطع عن المال الذي يقطع المرء عن الطاعات ويشغل القلب عن الله تعالى فالغنى المحمود هو الغنى الذي يتفرغ به القلب عن الدنيا وعن الاهتمام بها فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما أحب أن لي أحدًا ذهبًا تأتي عليّ ليلة وعندي منه دينار إلا دينارًا أرصده لدين أو أقول به في عباد الله هكذا وهكذا. قال الطيبي: أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي أن يهتدي إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق وكل ما يجب أن يتقى منه من الشرك والمعاصي ورذائل الأخلاق وطلب العفاف والغنى تخصيص بعد تعميم (رواه مسلم) ، في الدعاء وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص٣٨٩، ٤١١، ٤١٦، ٤٢٧) ، والبخاري في الأدب المفرد (ج٢: ص١٢٨) ، والترمذي، وابن ماجة في الدعاء والبغوي (ج٥: ص١٧٤) .
٢٥٠٩- قوله (اللهم اهدني) ، أي إلى مصالح أمري أو ثبتني على الهداية إلى الصراط المستقيم أو دلني على الكمالات الزائدة (وسددني) ، أمر من التسديد، أي اجعلني على السداد بفتح السين المهملة وهو الاستقامة وإصابة القصد في الأمر والعدل فيه، أي وفقني واجعلني مصيبًا في جميع أموري مستقيمًا. قال الطيبي: فيه معنى قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}(١١: ١١٢) و {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} ، أي اهدني هداية لا أميل بها إلى طرفي الإفراط والتفريط (واذكر) عطف على قل، أي اقصد وتذكر يا علي (بالهدى) بالضم والقصر معناه الرشاد ويذكر ويؤنث (هدايتك الطريق) ، أي المستقيم (وبالسداد) بفتح السين (سداد السهم) ، وفي رواية أحمد وأبي داود تسد يدك السهم. قال النووي: سداد السهم تقويمه. وأصل السداد الاستقامة والقصد في الأمور. قال الطيبي: أمره بأن يسأل الهدى والسداد وأن يكون في ذكره مخطرًا بباله أن المطلوب هداية كهداية من ركب متن الطريق وأخذ في المنهج المستقيم، وسداد يشبه بسداد السهم نحو الغرض. وقال الخطابي في المعالم (ج٦: ص١١٦) قوله: ((واذكر بالهدى هداية الطريق)) معناه أن سالك الطريق والفلاة وإنما يؤم سمت الطريق ولا يكاد يفارق الجادة ولا يعدل عنها يمنة ويسرة خوفًا من الضلال وبذلك يصيب الهداية وينال السلامة، يقول: إذا سألت الهدى فاخطر بقلبك هداية الطريق وسل الله الهدى والاستقامة كما تتحراه في هداية الطريق إذا سلكتها، وقوله:((واذكر بالسداد تسديدك السهم)) معناه أن الرامي إذا رمى غرضًا سدد بالسهم نحو الغرض ولم يعدل عنه يمينَا ولا شمالاً ليصيب الرمية فلا يطيش سهمه ولا يخفق سعيه يقول: فاختر المعنى بقلبك حين تسأل الله السداد ليكون ما تنويه من ذلك على شاكلة ما تستعمله في الرمي. (رواه مسلم) في الدعاء، وأخرجه أيضًا أحمد (ج١: ص٨٨، ١٣٤، ١٣٨، ١٥٤) ، وأبو داود في الخاتم، والنسائي في الزينة.