فقد أفلحت. رواه الترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب إسنادًا.
٢٥١٥- (١٠) وعن عبد الله بن يزيد الخطمي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في دعائه: اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب. اللهم ما زويت عني
ــ
أي: مثل ذلك القول فنصبه على المصدرية (فقد أفلحت) أي: فزت بمرادك وظفرت بمقصودك له بذلك عظم ذلك الدعاء وعموم بركته لمصالح الدنيا والآخرة، وفي الحديث التصريح بأن الدعاء بالعفاية أفضل الدعاء ولاسيما بعد تكريره للسائل في ثلاثة أيام حين أن يأتيه للسؤال عن أفضل الدعاء فأفاد هذا أن الدعاء بالعافية أفضل من غيره من الأدعية، ثم في قوله:((فإذا أعطيت العافية)) إلخ. دليل ظاهر واضح بأن الدعاء بالعافية يشمل أمور الدنيا والآخرة لأنه قال هذه المقالة بعد أن قاله له: سل ربك العافية ثلاث مرات فكان ذلك كالبيان لعموم بركة هذه الدعوة بالعافية لمصالح الدنيا والآخرة ثم رتب على ذلك الفلاح الذي هو المقصد الأسنى والمطلب الأكبر (رواه الترمذي، وابن ماجة) في الدعاء، وأخرجه أيضًا أحمد (ج: ص) ، والبخاري في الأدب المفرد (ج٢: ص٩٣) ، وابن أبي الدنيا كلهم من طريق سلمة بن وردان عن أنس وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان - انتهى. قلت: سلمة هذا ضعيف، والظاهر أن الترمذي حسنه لشواهده.
٢٥١٥- قوله:(وعن عبد الله بن يزيد) بمثناتين تحتيتين من الزيادة، ابن زيد بن حصين الأنصاري الأوسي (الخطمي) بفتح المعجمة وسكون المهملة نسبة إلى خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس، كان من أفاضل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن الأثير: يكنى أبا موسى وهو كوفي وله بها دار، شهد الحديبية وهو ابن سبع عشرة سنة وشهد ما بعدها، واستعمله عبد الله بن الزبير على الكوفة، وكان الشعبي كاتبه لما كان أميرًا على الكوفة وشهد مع علي بن أبي طالب الجمل وصفين والنهروان. قال الدارقطني: له ولأبيه صحبة، شهد بيعة الرضوان وهو صغير، وشهد أبوه أحدًا وما بعدها وهلك قبل فتح مكة (اللهم ارزقني حبك) أي: لأنه لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون الله أحب إليه مما سواه، فقوله ((حبك)) ، فيه إضافة المصدر إلى مفعولة (وحب من ينفعني حبه عندك) كالملائكة والأنبياء والأصفياء والأتقياء، والظرف متعلق بينفعني (اللهم ما رزقتني مما أحب) ، أي الذي أعطيتني من الأشياء التي أحبها منصحة البدن وقوته وأمتعة الدنيا من المال والجاه والأولاد والفراغ وسائر النعم (فاجعله قوة) ، أي عدة (لي فيما تحب) بأن أصرفه فيما تحبه وترضاه من الطاعة والعبادة (اللهم ما زويت عني) في الترمذي ((اللهم وما زويت عني)) بزيادة الواو وهكذا نقله في جامع الأصول والجامع الصغير وجمع الفوائد والحصن، أي ما صرفت ونحيت من الزى بمعنى القبض