للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مما أحب فاجعله فراغًا لي فيما تحب. رواه الترمذي.

٢٥١٦- (١١) وعن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك،

ــ

والجمع، يقال: زوى فلان المال عن وارثه زيًا، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: اللهم ازو لنا الأرض وهون علينا السفر، أي اطوها كما في رواية أخرى، أي وما قبضته ونحيته وصرفته عنى بأن منعتني ولم تعطني (مما أحب) أي: مما أشتهيه من المال والجاه والأولاد وأمثال ذلك (فاجعله فراغًا لي) أي: سبب فراغ خاطري (فيما تحب) أي: من الذكر والفكر والطاعة والعبادة، قال القاضي: يعني ما صرفت عني من محابي فنحه عن قلبي واجعله سببًا لفراغي لطاعتك ولا تشغل به قلبي فيشغل عن عبادتك. وقال الطيبي: أي: اجعل ما نحيته عني من محابي عونًا على شغلي بمحابك وذلك أن الفراغ خلاف الشغل فإذا زوى عنه الدنيا ليتفرغ لمحاب ربه كان ذلك الفراغ عونًا له على الاشتغال بطاعة الله ذكره القاري (رواه الترمذي) في الدعوات وقال: هذا حديث حسن غريب، قال ابن القطان: ولم يصححه لأن رواته ثقات إلا سفيان بن وكيع فمتهم بالكذب وترك الرازيان حديثه بعد ما كتباه. وقيل لأبي زرعة أكان يكذب؟ قال: نعم. كذا في فيض القدير (ج٢: ص١٠٢) قلت: سفيان هذا من شيوخ الترمذي، قال الحافظ عنه: كان صدوقًا إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه.

٢٥١٦- قوله: (قلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اتصلت ها هنا حرف ما الكافة الزائدة بقل فكفته عن عمل الرفع كما في قول الشاعر:

قلما يبرح اللبيب إلى ما ... يورث المجد داعيًا أو مجيبًا

قال شيخنا: قد تتصل ما بقل فيقال: قلما جئت وتكون ما كافة عن عمل الرفع فلا اقتضاء للفاعل وتستعمل قلما لمعنيين أحدهما النفي الصرف والثاني إثبات الشيء القليل (يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه) وبعض نسخ الترمذي بهذه الكلمات، وفي رواية ابن السني ((كان ابن عمر إذا جلس مجلسًا لم يقم حتى يدعو لجلسائه بهذه الكلمات)) وزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهن لجلسائه (اللهم اقسم لنا) ، أي اجعل لنا قسمًا ونصيبًا (من خشيتك) ، أي من خوفك، والخشية الخوف أو خوف مقترن بالتعظيم (ما تحول به) من حال يحول حيلولة، أي مقدار تحجب أنت بسببه (بيننا وبين معاصيك) فإنه لا أمنع لها من خشية الله تعالى. وقيل: لأن القلب إذا امتلأ من الخوف أحجمت الأعضاء جميعها من ارتكاب المعاصي وبقدر قله الخوف يكون الهجوم على المعاصي فإذا قل الخوف جدًا واستولت الغفلة كان ذلك من علامة الشقاء، ومن ثم قالوا: المعاصي بريد الكفر كما أن القبلة بريد الجماع والغناء بريد الزنا والنظر بريد العشق والمرض بريد الموت وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالعقل والبدن والدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>