للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصلاة، فقال: أما على ذلك، لقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قام تبعه رجل من القوم

ــ

(الصلاة) تنازع فيه الفعلان. قلت: قوله ((وأوجزت)) كذا وقع في جميع نسخ المشكاة أي بواو العطف، والذي في النسائي ((أو أوجزت)) أي بأو بدل الواو. قال في اللمعات: قوله ((وأوجزت الصلاة)) يشبه أن يكون بتخفيف الدعاء فيه كما ينظر إليه سياق الحديث، ويحتمل أن يكون بإيجاز القراءة ويكون المعنى وإن أوجزت الصلاة بتخفيف القراءة فيها لكني دعوت بدعوات تجبر النقصان كما قيل إن النوافل تكمل الفرائض - انتهى. ولأحمد والنسائي من طريق أبي مجلز عن عطاء قال: صلى بنا عمار صلاة فأوجز فيها فأنكروا ذلك فقال: ألم أتم الركوع والسجود؟ قالوا: بلي. قال الشوكاني: قوله: ((فأوجز فيها)) لعله لم يصاحب هذا الإيجاز تمام الصلاة على الصفة التي عهدوا عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وألا لم يكن للإنكار عليه وجه، فقد ثبت من حديث أنس في مسلم وغيره أنه قال: ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تمام. وقوله ((فأنكروا ذلك)) فيه جواز الإنكار على من أخف الصلاة من دون استكمال، وقوله ((ألم أتم الركوع والسجود؟ قالوا: بلى)) فيه إشعار بأنه لم يتم غيرهما ولذلك أنكروا عليه (فقال: أما) بالتخفيف (عليَّ) بالتشديد (ذلك) وجه الطيبي هذه العبارة بثلاثة وجوه: أحدها أن الهمزة يحتمل أن تكون للإنكار كأنه قال: أتقول هذا وتنكرون عليَّ؟ وما عليَّ ضرر من ذلك، قال الشيخ الدهلوي: يعنى قوله ((ما عليَّ ذلك)) جملة حالية والواو مقدرة ولا حاجة إلى تقديرها فقد يقع حالاً بدون الواو نحو كلمته فوه إلى في، وكان تقديره الواو إشارة إلى كونها حالاً، وقوله ((ضرر من ذلك)) بيان لحاصل المعنى. وثانيها أن يكون الهمزة لنداء القريب، والمنادي محذوف، أي يا فلان ليس عليَّ ضرر من ذلك. وثالثها أن يكون أما للتنبيه، ثم قال عليَّ بيان ذلك فتدبر - انتهى. وفي المستدرك ((ما عليَّ في ذلك)) أي بدون الهمزة وبزيادة في قبل ذلك (لقد دعوت) كذا في جميع النسخ، وللنسائي ((أما عليَّ ذلك فقد دعوت)) قال السندي: أي أما مع التخفيف والإيجاز فقد دعوت، ألخ. وأما على تقدير اعتراضكم بالتخفيف فأقول قد دعوت، ألخ. والظاهر أن أما هذه لمجرد التأكيد وليس لها عديل في الكلام كأما الواقع في أوائل الخطب في الكتب بعد ذكر الحمد والصلاة من قولهم أما بعد فكذا (فيها) أي في أواخرها أو سجودها، قاله القاري. ومال النسائي إلى الأول حيث أورد هذا الحديث في أثناء أبواب الدعاء بعد التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (بدعوات) قال السندي: جمع الدعوات باعتبار أن كل كلمة دعوة بفتح الدال، أي مرة من الدعاء فإن الدعوة للمرة كالجلسة (سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال القاري: أي داخلها أو خارجها، وفي المسند وكذا في رواية للنسائي ((أما إني قد دعوت فيها بدعاء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو به)) قال الشوكاني: يحتمل أنه كان يدعو به في الصلاة ويكون فعل عمار قرينة تدل على ذلك ويحتمل أنه كان يدعو به من غير تقييد بحال الصلاة كما هو الظاهر من كلام (فلما قام) أي عمار (تبعه رجل من القوم) إلى هنا قول السائب عبَّر عن نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>