للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هُوَ أُبَيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ كَنَى عَنْ نَفْسِهِ فَسَأَلَهُ عَنْ الدُّعَاءِ ثُمَّ جَاءَ فَأَخْبَرَ بِهِ الْقَوْمَ: اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ

ــ

برجل من القوم ولذا فسره عطاء بقوله (هو أُبَيّ) ، أي ذلك الرجل الذي تبع عمارًا هو أبي أي السائب (غير أنه) ، أي أبي (كنى عن نفسه) ، أي برجل فقال: تبعه رجل ولم يقل تبعته، ثم قال السائب (فسأله) أي الرجل عمارًا (عن الدعاء) ، أي فأخبره (ثم جاء) ، أي الرجل (فأخبر به) ، أي بالدعاء (اللهم) ، أي وهو هذا (بعلمك الغيب) ، أي المغيبات عن خلقك فضلاً عن المشاهدات، والباء للاستعطاف والتذلل، أي أنشدك بحق علمك ما خفي على خلقك مما استأثرت به (وقدرتك على الخلق) أي بقدرتك على خلق كل شيء تتعلق به مشيئك أو على جميع المخلوقات بأن تفعل فيهم ما تقضي إرادتك، وفيه دليل على جواز التوسل إليه تعالى بصفات كماله وخصال جلاله (أحيني) أي أمدني بالحياة (ما علمت الحياة) ما مصدرية ظرفية (خيرًا لي) بأن يغلب خيري على شري ((وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي)) بأن تغلب سيئاتي على حسناتي أو بأن تقع الفتن ما ظهر منها وما بطن، قاله القاري وعبر بما في الحياة لاتصافه بالحياة حالاً وبإذا الشرطية في الوفاء لانعدامها حال التمني إذا آل الحال إلى أن تكون الوفاة بهذا الوصف فتوفني، قلت قوله ((أحيني)) إلى قوله ((خيرًا لي)) ثابت في الصحيحين من حديث أنس بلفظ ((اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي)) وهو يدل على جواز الدعاء بهذا لكن عند نزول الضرر كما وقع التقييد بذلك في حديث أنس المذكور وقد تقدم في (ج٢ ص٤٣٨) (اللهم وأسألك) عطف على ((أنشدك)) المقدر، أي وأطلب منك و ((اللهم)) معترضة. وقال القاري: والظاهر أن اللهم عطف على الأول بحذف العاطف كما في كثير من الدعوات الحديثية ومنه تكرار ((ربنا)) من غير عاطف في الآيات القرآنية، ولا يضره الواو في قوله ((وأسالك)) لأنها نظيرة الواو في قوله تعالى ((ربنا وآتنا)) (خشيتك) ، أي خوفك (في الغيب والشهادة) أي في السر والعلانية أو في الحالين من الخلوة والجلوة أو في الباطن والظاهر، والمراد استيعابها في جميع الأوقات فإن الخشية رأس كل خير والشأن في الخشية في الغيب لمدحه تعالى من يخافه بالغيب، وقال الشوكاني: أي في مغيب الناس وحضورهم لأن الخشية بين الناس فقط ليست من الخشية لله بل من خشية الناس (وأسألك كلمة الحق) ، أي النطق بالحق (في الرضا والغضب) ، أي في حالتي رضا الخلق مني وغضبهم عليَّ فيما أقوله فلا أداهن ولا أنافق، أو في حالتي رضاي وغضبي بحيث لا تلجئني شدة الغضب إلى النطق بخلاف الحق ككثير من الناس إذا اشتد غضبه أخرجه من الحق إلى الباطل، والمعنى أسألك أن أكون مستمرًا على النطق بالحق في جميع أحوالي وأوقاتي. قال الشوكاني: جمع بين الحالتين لأن الغضب ربما حال بين الإنسان وبين الصدع بالحق، وكذلك الرضا ربما قاد في بعض الحالات إلى المداهنة وكتم كلمة الحق (القصد) أي الاقتصاد

<<  <  ج: ص:  >  >>