للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كفارة لما بينهما،

ــ

المنضمة أو العمرة الموصولة أو المنتهية إلى العمرة، وقال المناوي: أي العمرة حال كون الزمن بعدها ينتهي إلى العمرة، فإلى للانتهاء على أصلها، وقال الباجي وتبعه ابن التين: إن إلى يحتمل أن تكون بمعنى مع كقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (٤: ٢) وكقوله: {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللهِ} (٦١: ١٤) فيكون التقدير: العمرة مع العمرة مكفرة لما بينهما، فإذا كانت للغاية كان المكفر هو العمرة الأولى، وإذا كانت بمعنى مع كان المكفر العمرتين، ويدل للثاني حديث ((العمرتان تكفران ما بينهما)) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة. قال المناوي: فيه من لم أعرفهم ولم أرهم في كتب الرجال، وقال السندي: قيل: يحتمل أن تكون إلى بمعنى مع أي العمرة مع العمرة أو بمعناها متعلقة بكفارة، أي تكفر إلى العمرة ولازمه أنها تكفر الذنوب المتأخرة (كفارة لما بينهما) هذا ظاهر في فضل العمرة وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين، قال في المطامح: نبه بهذا الحديث على فضل العمرة الموصولة بعمرة، قال العيني (ج١٠: ص ١٠٨، ١٠٩) : ظاهر الحديث أن الأولى هي المكفرة لأنها هي التي وقع الخبر عنها أنها تكفر ولكن الظاهر من جهة المعنى أن العمرة الثانية هي التي تكفر ما قبلها إلى العمرة التي قبلها فإن التكفير قبل وقوع الذنب خلاف الظاهر - انتهى. وقال الأبي: الأظهر أن الحديث خرج مخرج الحث على تكرير العمرة والإكثار منها لأنه إذا حمل على غير ذلك يشكل بما إذا اعتمر مرة واحدة فإنه يلزم عليه أن لا فائدة لها لأن فائدتها وهو التكفير مشروطة بفعلها ثانية إلا أن يقال: لم تنحصر فائدة العبادة في تكفير السيئات بل يكون فيها وفي ثبوت الحسنات ورفع الدرجات كما ورد في بعض الأحاديث ((من فعل كذا وكتب له كذا حسنة ومحيت عنه كذا كذا سيئة، ورفعت له كذا كذا درجة)) فتكون فائدتها إذا لم تكرر ثبوت الحسنات ورفع الدرجات. وقال شيخنا أبو عبد الله يعني ابن عرفة: إذا لم تكرر كفر بعض ما وقع بعدها لا كله - والله أعلم - بقدر ذلك البعض، وكذا في شرح الموطأ للزرقاني (ج٢: ص٢٦٩) قال ابن عبد البر: المراد تكفير الصغائر دون الكبائر، وذهب بعض علماء عصرنا إلى تعميم ذلك، ثم بالغ في الإنكار عليه، وكأنه يعني الباجي فإنه قال: ما من ألفاظ العموم فتقضي من جهة اللفظ تكفير جميع ما يقع بينهما إلا ما خصه الدليل واستشكل بعضهم كون العمرة كفارة للصغائر فقط مع أن اجتناب الكبار مكفر لها لقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} (٤: ٣١) الآية فماذا تكفر العمرة؟ وأجيب بأن تكفير العمرة مقيد بزمنها وتكفير الاجتناب عام لجميع عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية وقال السندي: هذا الاستشكال ليس بشيء لأن الذي لا يجتنب الكبائر فصغائره يكفرها العمرة، ومن ليس له صغيرة أو صغائره مكفرة بسبب آخر فالعمرة له فضيلة - انتهى. قال الحافظ: وفي الحديث دلالة على استحباب الاستكثار من الاعتمار خلافًا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة

<<  <  ج: ص:  >  >>