للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والحج المبرور

ــ

كالمالكية ولمن قال مرة في الشهر من غيرهم واستدل لهم بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة، وأفعاله على الوجوب أو الندب وتعقب بأن المندوب لم ينحصر في أفعاله فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله لرفع المشقة عن أمته وقد ندب إلى ذلك بلفظه فثبت الاستحباب من غير تقييد. وقال عياض: احتج به الجمهور وكثير من أصحاب مالك على جواز تكرير العمرة في السنة الواحدة وكرهه مالك لأنه - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر كل واحدة في سنة مع تمكنه من التكرير وتقدم كلام الأبي المالكي أن الحديث خرج مخرج الحث على تكرير العمرة والإكثار منها، قال الحافظ: واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسًا بأعمال الحج إلا ما نقل عن الحنفية أنه يكره في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ونقل الأثرم عن أحمد: إذا اعتمر فلا بد أن يحلق أو يقصر فلا يعتمر بعد ذلك إلى عشرة أيام ليمكن حلق الرأس فيها. قال ابن قدامة: هذا يدل على كراهة الاعتمار عنده في دون عشرة أيام، وارجع لتفصيل الكلام في مسألة تكرار العمرة وتفضيل الطواف على العمرة إلى شفاء الغرام (ج١: ص١٧٩، ١٨٠) ، والقرى (ص٢٩٧، ٢٩٨) (والحج المبرور) قال ابن العربي: قيل هو الذي لا معصية بعده. قال الأبي: وهو الظاهر لقوله في الحديث الآخر: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق)) إذ المعنى حج ثم لم يفعل شيئًا من ذلك، ولهذا عطفها بالفاء المشعرة بالتعقيب، وإذا فسر بذلك كان الحديثان بمعنى واحد وتفسير الحديث بالحديث أولى. فإن قلت: المرتب على المبرور غير المرتب على عدم الرفث والفسق، لأن المرتب على المبرور هو دخول الجنة وهو أخص من الرجوع بلا ذنب لأن المراد بدخولها الدخول الأول والدخول الأول لا يكون إلا مع مغفرة كل الذنوب السابقة واللاحقة والرجوع بلا ذنب إنما هو في تكفير السابقة. قلت: إذا فسر المبرور بذلك فسر الرجوع بلا ذنب بأنه كناية عن دخول الجنة الدخول الأول المذكور - انتهى. تنبيه قال ابن بزيزة: قال العلماء: شرط الحج المبرور حلية النفقة فيه، وقيل لمالك رجل سرق فتزوج به أيضارع الزنا؟ قال: أي والذي لا إله إلا هو. وسئل عمن حج بمال حرام فقال: حجه مجزئ وهو آثم بسبب جنايته، وبالحقيقة لا يرقى إلى العالم المطهر إلا المطهر - انتهى. وقال الدردير: صح الحج فرضًا أو نفلاً بالحرام من المال فيسقط عنه الفرض والنفل وعصى إذ لا منافاة بين الصحة والعصيان - انتهى. وبه قالت الحنفية كما في رد المحتار عن البحر حيث قال: يجتهد في تحصيل نفقة حلال فإنه لا يقبل بالنفقة الحرام كما ورد في الحديث مع أنه يسقط الفرض عنه معها ولا تنافي في سقوطه وعدم قبولها - انتهى. وذلك لأن القبول أخص من الإجزاء، فإن القبول عبارة عن ترتيب الثواب على الفعل والإجزاء عبارة عن سقوط القضاء، وقال النووي في مناسكه: ليحرص أن تكون نفقته حلالاً خالصة عن الشبهة فإن خالف وحج بما فيه شبهة أو بمال مغصوب صح حجه في ظاهر الحكم لكنه ليس حجًا مبرورًا ويبعد قبوله، وهذا هو مذهب الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، وجماهير العلماء من السلف والخلف. وقال أحمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>