للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................................

ــ

قال الأمير اليماني: الحديث دليل على أنه يصح حج الصبي وينعقد سواء كان مميزًا أم لا حيث فعل عنه وليه ما يفعل الحجاج وإلى ذلك ذهب الجمهور. واعلم أن في مسألة حج الصبي عدة أبحاث ينبغي التنبيه عليها. الأول: جواز الحج ومشروعيته بالصغار، وإليه ذهب الجمهور منهم الأمة الأربعة. قال الزرقاني: في الحديث مشروعية الحج بالصغار وبه قالت الأمة. قال عياض: لا خلاف بين العلماء في جواز الحج بالصبيان، وإنما منعه طائفة من أهل البدع ولا يلتفت إلى قولهم بل هو مردود بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وإجماع الأمة، وقال الطبري: لا خلاف بي أهل العلم في جواز الحج بالصبي إلا قومًا من أهل العراق منعوه وفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوله وإجماع الأمة يرد قولهم، وإنما الخلاف في أنه هل ينعقد حكم الحج عليهم؟ وفائدة الخلاف تظهر في وجوب الفدية، فأبو حنيفة لا يلزمهم شيًا إنما يجتنبون ذلك على وجه التمرين والتعليم، وفي ما تقدم من قول عطاء: يفعل بالصغير ما يفعل بالكبير ويشهد به المناسك كلها إلا أنه لا يصلي عنه وإن شاءوا قمصوه موافقة له، وباقي الأئمة يرون وجوب الفدية - انتهى. وقال ابن البر في التمهيد: في الحديث الحج بالصبيان الصغار واختلف العلماء في ذلك فأجازه مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز من أصحابنا وغيرهم وأجازه الثوري، وأبو حنيفة وسائر فقهاء الكوفة، وأجازه الأوزاعي والليث فيمن سلك مسلكهما من أهل الشام ومصر وكل من ذكرناه يستحب الحج بالصبيان ويأمر به ويستحسنه، وعلى ذلك جمهور العلماء في كل قرن. وقالت طائفة: لا يحج بالصبيان، وهو قول لا يشتغل به ولا يعرج عليه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج بأغيلمة بني عبد المطلب وحج السلف بصبيانهم ولحديث الباب. وروينا عن أبي بكر الصديق أنه طاف بعبد الله بن الزبير في خرقة، وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: كانوا يحبون إذا حج الصبي أن يجردوه وأن يجنبوه عن الطيب وأن يلبي عنه إذا كان لا يحسن التلبية - انتهى. وقال ابن حزم في المحلى (ج٧: ص٢٧٦) : ونستحب الحج بالصبي وإن كان صغيرًا جدًا أو كبيرًا وله أجر وحج وهو تطوع وللذي يحج به أجر، وكذلك ينبغي أن يدربوا ويعلموا الشراع من الصلاة والصوم إذا أطاقوا ذلك - انتهى. وقال الباجي: الصبيان على ضربين: ضرب يفهم ما يؤمر به، وضرب يصغر عن ذلك فلا يفهم ما يؤمر به ولا ينتهي عما نهي عنه. فأما الأول فروى ابن المواز وابن وهب عن مالك لا يحج بالرضيع، وأما ابن أربع سنين وخمس فنعم. وهذا إنما هو على الاستحباب، فإن أحرم به وألزم الإحرام لزمه، وإن كان صغيرًا جدًا لا يفهم - انتهى. وقال الأبي في الإكمال: اختلف قول مالك في الحج بالرضيع ومن لا يفهم، وحمل أصحابنا قوله بالمنع على الكراهة، وفي المدونة: يحج بالصبي وإن لم يبلغ أن يتكلم، وفي كتاب محمد: لا يحج بالرضيع، وأما ابن أربع فنعم اللخمي، ولا أرى أن يحج إلا بمن يعقل القربة، وأما الرضيع فهو كالبهيمة، قال وعلى هذا فلا يحج بالمجنون - انتهى. وقال ابن رشد في البداية (ج١: ص٢٥٢) : اختلف أصحاب مالك في صحة

<<  <  ج: ص:  >  >>