للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله. فرفعت إليه امرأة صبيًا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر.

ــ

نحو أربعين ميلاً، وفي صحيح مسلم ستة وثلاثون، وفي كتاب ابن أبي شيبة ثلاثون ميلاً، زاد في رواية أحمد وأبي داود: ((فسلم عليهم)) وكان ذلك اللقاء كما قال ابن حبان حين رجوعه من مكة إلى المدينة ففي رواية النسائي عن ابن عباس ((قال صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان بالروحاء لقي قومًا)) الحديث. وفي رواية الشافعي في مسنده (ج١: ص٢٨٩) وكذا عند البيهقي (ج٥: ص١٥٥) من طريق الشافعي، ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قفل، فلما كان بالروحاء لقي ركبًا)) الحديث، وبه جزم ابن القيم في الهدي حيث قال: ثم ارتحل - صلى الله عليه وسلم - راجعًا إلى المدينة فلما كان بالروحاء لقي ركبًا فذكر قصة الصبي، وقيل وقعت هذه القصة في مقدمه إلى بيت الله، والمراد بالصدور والقفول صدوره من المدينة للحج ولا يخفى ما فيه، وارجع إلى ((القرى)) (ص٤٩، ٥٠) (فقال: من القوم؟) بالاستفهام (قالوا) ، أي بعضهم (المسلمون) ، أي نحن المسلمون (فقالوا: من أنت؟) يعني أن الذي أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل بعد ذلك ليعرف من يخاطب (قال) ، أي النبي (رسول الله) أي أنا رسول الله فلفظ رسول الله خبر مبتدأ محذوف. قال عياض: يحتمل أن هذا اللقاء كان ليلاً فلم يعرفوه - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل كونه نهارًا لكنهم لم يروه - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك لعدم هجرتهم فأسلموا في بلدانهم ولم يهاجروا قبل ذلك، وسيأتي في حديث جابر في قصة حجة الوداع أنه أذن في الناس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاج فقدم المدينة بشر كثير ليأتموا به، فلعل هؤلاء ممن قدم فلم يلقوه إلا هنالك، وفي رواية مالك في موطأه، ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة وهي في محفتها (بكسر الميم وفتح المهملة وتشديد الفاء - مركب للنساء كالهودج إلا أنها لا تقبب كما تقبب الهوادج) فقيل لها ((هذا رسول الله)) الحديث. قال الباجي: فقد كانت المرأة فيمن آمن به ولم تره ولم تعرف عينه فلذلك أخبرت به (فرفعت إليه امرأة صبيًا) ، أي أخرجته من المحفة رافعة له على يديها، وفي رواية أحمد وأبي داود: ((ففزعت امرأة فأخذت بعضد صبي فأخرجته من محفتها)) (فقالت: ألهذا؟) ، أي يحصل لهذا الصغير (حج) ، أي ثوابه، قيل: قوله: ((حج)) فاعل الظرف لاعتماده على الهمزة، ويجوز أن يكون مبتدأ مؤخرًا و ((لهذا)) خبر مقدم، وفي رواية أحمد، وأبي داود: ((هل لهذا حج؟)) (قال) في الجواب (نعم) ، أي له حج (ولك أجر) زادها على السؤال ترغيبًا لها. قال القاري: أي أجر السببية وهو تعليمه إن كان مميزًا أو أجر النيابة في الإحرام والرمي والإيقاف والحمل في الطواف والسعي إن لم يكن مميزًا، وقال عياض: وأجرها فيما تتكلفه في أمره في ذلك وتعليمه وتجنيبه ما يجتنب المحرم. وقال النووي: معناه: بسبب حملها وتجنيبها إياه ما يجتنبه المحرم وفعل ما يفعله المحرم، وقال الأمير اليماني: قوله: ((لك أجر)) ، أي بسبب حملها وحجها به، أو بسبب سؤالها عن ذلك الحكم، أو بسبب الأمرين، وفي الحديث دليل على مشروعية الحج بالصبيان وجوازه، ولا خلاف فيه بين العلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>